الشرط والجزاء ، وأنّ هذا الربط لا ينفكّ أبدا ، وهو معنى العلّيّة الانحصاريّة عند المشهور.
وهذا المعنى يدلّ عليه الوجدان العرفي والتبادر والمنساق إلى الذهن أيضا.
ويضاف إلى ذلك الركن الثاني وهو كون المعلّق على الشرط هو طبيعي الجزاء لا شخصه ، وهذا ما نثبته بالإطلاق وقرينة الحكمة في مفاد الهيئة.
وأمّا ما نحسّه من عدم التجوّز في حالات عدم الانحصار فيمكن أن يفسّر بتفسيرات أخرى ، من قبيل أنّ هذه الحالات لا تعني عدم
استعمال الجملة الشرطيّة في الربط المذكور ، بل عدم إرادة المطلق من مفاد الجزاء ، ومن الواضح أنّ هذا إنّما يثلم الإطلاق وقرينة الحكمة ، ولا يعني استعمال اللفظ في غير ما وضع له.
يبقى تفسير استعمال الجملة الشرطيّة في الموارد التي لا مفهوم لها ، حيث نحسّ بالوجدان أنّ استعمالها في سائر الجمل ليس مجازا ، فكيف يتمّ التوفيق بين عدم الإحساس بالمجازيّة في تلك الموارد وبين ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة؟ وهذا الأمر يمكننا بيانه بما يلي :
تارة تستعمل الجملة الشرطيّة ويكون لها مفهوم كقولنا : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ).
وأخرى تستعمل ولا يكون الشرط علّة منحصرة ، بل هناك علل أخرى فلا يكون لها مفهوم ، كقولنا : ( إذا كسفت الشمس فصلّ ).
وثالثة تستعمل ولا يكون الشرط علّة تامّة بل جزء العلّة ، وهذه أيضا لا مفهوم لها ، كقولنا : ( إذا خفيت الجدران فقصّر ).
ورابعة تستعمل ولا يكون هناك لزوم بين الشرط والجزاء ، بل وإن لم يكن فيها ربط أصلا بأن كانت لمجرّد صدفة واتّفاق ، كقولنا : ( إذا جاء زيد تكون الساعة التاسعة ).
وخامسة تستعمل ولا يكون هناك أي ربط أصلا بين الشرط والجزاء ، كقولنا : ( إذا كان الإنسان ناطقا فالحصان صاهل ).
وسادسة يكون الجزاء جملة إخباريّة ، كقولنا : ( إذا شربت السمّ فتموت ).
فنقول في بيان عدم ثبوت المفهوم في هذه الجمل ، ما يلي :
أمّا الجملة الأولى : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) فالجملة موضوعة لغة للتوقّف ، والذي