شكّ في أنّ وصف العدالة دخيل في الموضوع ، وذلك بناء على قاعدة احترازيّة القيود في أنّ المتكلّم كلّ ما يذكره في كلامه فهو يريده جدّا.
وقد ذكر هنا وصف العدالة فيكون دخيلا في موضوع الحكم ، ولذلك إذا انتفى وصف العدالة ينتفي شخص هذا الحكم بوجوب إكرام الفقير ، أي أنّ الفقير غير العادل لا يجب إكرامه من جهة العدالة جزما ، وهذا المقدار ممّا لا شكّ فيه.
وإنّما الكلام في أنّه هل ينتفي طبيعي وجوب الإكرام عند انتفاء الوصف أم لا؟ وهذا معناه أنّه هل للجملة الوصفيّة مفهوم أم لا؟ وهذا ما ينبغي البحث عنه هنا ، فنقول :
والجواب : أنّه على مسلك المحقّق العراقي رحمهالله في إثبات المفهوم يفترض أنّ دلالة الجملة المذكورة على الربط المخصوص المستدعي لانتفاء الحكم بانتفاء الوصف مسلّمة ، وإنّما يتّجه البحث إلى أنّ المربوط بالوصف والذي ينتفي بانتفائه هل يمكن أن نثبت كونه طبيعي الحكم بالإطلاق وقرينة الحكمة أو لا؟
فإذا أخذنا بمسلك المحقّق العراقي القائل بأنّ كلّ الجمل المبحوث عنها في ثبوت المفهوم لها أو عدم ثبوته تدلّ على ذاك الربط المخصوص المستدعي للانتفاء عند الانتفاء ـ أي التوقّف أو العلّيّة ـ كما تقدّم سابقا عند الحديث عن ضابط المفهوم وأسمينا هذا المسلك بمسلك المحقّق العراقي ، وهذا يعني أنّ الركن الأوّل مفروغ عنه.
يبقى الكلام في إثبات الركن الثاني وهو أنّ المنتفي والمعلّق عليه هل هو طبيعي الحكم أو شخصه؟ وهذا يثبت عند إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في مدلول الهيئة الدالّة على الحكم ، فإذا جرت قرينة الحكمة يثبت أنّ المعلّق هو الطبيعي فيكون المنتفي أيضا هو الطبيعي ، وإلا كان المعلّق والمنتفي شخص الحكم فقط.
وعلى هذا فلا بدّ من البحث حول جريان الإطلاق في الجملة الوصفيّة أو عدم جريانه فنقول :
والصحيح : أنّه لا يمكن ؛ لأنّ مفاد هيئة ( أكرم ) مقيّدة بمدلول المادّة باعتباره طرفا لها ، ومدلول المادّة مقيّد بالفقير ؛ لأنّ المطلوب إكرام الفقير ، والفقير مقيّد بالعدالة تقييد الشيء بوصفه. وينتج ذلك أنّ مفاد هيئة ( أكرم ) هو حصّة خاصّة من وجوب الإكرام يشتمل على التقييد بالعدالة ، فغاية ما يقتضيه الربط المخصوص