الأغراض التكوينيّة ، فلا يمكن أن يستدلّ بالسيرة المذكورة على الحجّيّة شرعا.
إنّ السيرة العقلائيّة بلحاظ الأحكام الظاهريّة إن كان المقصود منها السيرة القائمة على الأغراض الشخصيّة التكوينيّة ، أي المقام الأوّل فمن الواضح أنّ الاعتماد على قول اللغوي أو خبر الثقة لتحصيل الأغراض التكوينيّة الشخصيّة لا يرتبط بالحجّيّة كمصطلح أصولي الذي هو عبارة عن المنجّزيّة والمعذّريّة ؛ إذ لا يوجد في الأغراض الشخصيّة التكوينيّة تكاليف شرعيّة ولا يوجد آمر ومأمور ليكون قول الآمر منجّزا أو عدم امتثال المأمور معذورا فيه.
ولذلك لا يصلح هذا القسم من السيرة للاستدلال به على أنّ الشارع قد جعل قول اللغوي وخبر الثقة حجّة ( منجّزا ومعذّرا ) ؛ لأنّ الحجّيّة الشرعيّة تفترض مسبقا وجود علاقة مولويّة بين الآمر والمأمور ، وتفترض أنّ المأمور يجب عليه إطاعة وامتثال أوامر المولى بحيث يكون التخلّف عنها موجبا للذمّ والعقاب ، فالحجّيّة إذا من شئون الأغراض التشريعيّة لا الأغراض التكوينيّة.
وبهذا يكون هذا النحو من السيرة خارجا عن محلّ الكلام تخصّصا ؛ إذ محلّ الكلام حول الحجّيّة بمعنى المنجّزيّة والمعذّريّة شرعا ، وهذه السيرة تثبت أنّ العقلاء يعوّلون على قول اللغوي وخبر الثقة في مجال الأغراض التكوينيّة الشخصيّة لا التشريعيّة ، فالاستدلال بها باطل تماما.
وإن كان المقصود بناء العقلاء في المقام الثاني فمن الواضح أنّ جعل شيء منجّزا أو معذّرا من شأن المولى والحاكم لا من شأن المأمور ، فمردّ بناء العقلاء على جعل قول اللغوي منجّزا ومعذّرا إلى أنّ سيرة الآمرين انعقدت على أنّ كلّ آمر يجعل قول اللغوي حجّة في فهم المأمور لما يصدر عنه من كلام بنحو ينجّز ويعذّر.
وإن كان المقصود من السيرة وبناء العقلاء هو المقام الثاني ، أي الأغراض التشريعيّة ، بمعنى أنّ العقلاء يجعلون قول اللغوي وخبر الثقة حجّة بين الآمر والمأمور ، فيكون منجّزا ومعذّرا ، فهذا يدخل في مورد الكلام ويمكن أن يستدلّ به ولكن بنحو آخر وهو : أنّ الحجّيّة بمعنى المنجّزيّة والمعذّريّة لغير العلم تحتاج إلى جعل خاصّ من قبل نفس المولى والحاكم ، بمعنى أنّ المولى والحاكم يعتبر أنّ هذا الطريق حجّة بينه وبين