قلنا : هذا لا يعتقده مسلم ولا يدل لفظ ( التجوه ) و( الاستغاثة ) عليه ، فإن التجوه من الجاه والوجاهة ، ومعناه علو القدر والمنزلة ، وقد يتوسل بذي الجاه الى من هو أعلى جاهاً منه.
و ( الاستغاثة ) طلب الغوث ، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره ، وإن كان أعلى منه.
فالتوسل والتشفع والتجوه والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك ، ولا يقصد بها أحد منهم سواه ، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه ، نسأل العافية.
وإذا صح المعنى فلا عليك في تسميته ( توسلاً ) أو ( تشفعاً ) أو ( تجوهاً ) أو (استغاثة ).
ولو سلم أن لفظ ( الاستغاثة ) تستدعي النصر على المستغاث منه ، فالعبد يستغيث على نفسه وهواه والشيطان وغير ذلك مما هو قاطع له عن الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين ، متوسلاً بهم الى الله تعالى ليغيثه علي من استغاث منه من النفس وغيرها ، والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم واسطة بينه وبين المستغيث.
وإذ قد تحررت هذه الأنواع والأحوال في الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم وظهر المعنى ، فلا عليك في تسميته ( توسلاً ) أو ( تشفعاً ) أو ( استغاثةً ) أو ( تجوهاً ) أو ( توجهاً ) لأن المعنى في جميع ذلك سواء ...
إذا عرف ذلك فمعنى ( تجوه ) توجه بجاهه ، وهو منزلته وقدره عند الله تعالى اليه. وأما الاستغاثة فهي طلب الغوث ، وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده كقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم. وتارة يطلب ممن يصح إسناده اليه على سبيل الكسب ، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذين القسمين.
وتعدي الفعل تارة بنفسه ، كقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم ، فاستغاثه الذي من