لا يستطيع أي منصف إلا الاجابة بأن هذا الدعاء هو الذي فيه نصٌ بالتوسل به صلى الله عليه وسلم ، فالأعمى جاء يطلب مطلق الدعاء برد بصره ، وعلمه صلى الله عليه وسلم ، وأمره بالتوسل به ليتحقق المطلوب.
٧ ـ ثم قال صلى الله عليه وسلم : اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، أي تقبل شفاعته أي دعاءه في وتقبل دعائي في نفسي.
وهنا سؤال : أي دعاء هنا الذي يطلب قبوله ؟ لا شك أن الاجابة عليه ترد بداهة في ذهن أي شخص ، إنه الدعاء المذكور فيه التوسل به صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يحتاج لاعمال فكر أو إطالة نظر وتأمل ، وهو واضحٌ وضوح الشمس في رابعة النهار.
ويمكن أن يقال : إن سؤال قبول الشفاعة هو توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، مع التوسل بذاته ، وهذا منتهى ما يفهم من النص ، والله أعلم.
٨ ـ فسبب رد بصر الأعمى هو توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما فهمه الأئمة الحفاظ الذين أخرجوا الحديث في مصنفاتهم ، فذكروا الحديث على أنه من الأدعية التي تقال عند الحاجات. فقال البيهقي في دلائل النبوة ٦ / ١٦٦ باب : ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر ، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة. ا هـ.
ولا يخفى أن تعليمه للضرير هو الدعاء الذي فيه التوسل بالذوات ، وعبارة البيهقي واضحة جداً. والبيهقي حافظٌ فقيه.
وهكذا ذكره النسائي ، وابن السني في عمل اليوم والليلة ، والترمذي في الدعوات ، والطبراني في الدعاء ، والحاكم في المستدرك ، والمنذري في الترغيب والترهيب ، والهيثمي في مجمع الزوائد في صلاة الحاجة ودعائها ، والنووي في الأذكار على أنه من الأذكار التي تقال عند عروض الحاجات ، وابن الجزري في العدة في باب صلاة الضر والحاجة ص ١٦١.