أما إني على ما ترى لوجع ، وجعلتم لي ـ معشر المهاجرين ـ شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ، والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأزدري (١) ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، والله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا ، وإنكم غدا لأول صال بالنار (٢) ، تجودون (٣) عن الطريق يمينا وشمالا ، يا هادي الطريق جرت ، إنما هو البحر (٤) أو الفجر. فقال له عبد الرحمن :لا تكثر على ما بك فيهيضك ، والله ما أردت إلا الخير (٥) ، وأنا (٦) صاحبك لذو خير ، وما الناس إلا رجلان ، رجل رأى ما رأيت فلا خلاف عليك منه (٧) ، ورجل رأى غير ذلك ، وإنما يشير عليك برأيه ، فسكن وسكت هنيئة ، فقال عبد الرحمن :ما أرى بك بأسا ، والحمد لله ، فلا تأس (٨) على الدنيا ، فو الله إن علمناك إلا صالحا مصلحا.
فقال : أما إني لا آسى إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت (٩) أني سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عنهن.
__________________
(١) في ( ك ) : الأزري ، وفي المصدر : الأذربي ، وسيتعرض المصنف رحمهالله مفصلا في بيانه الآتي ، فراجع.
(٢) في ( ك ) نسخة بدل : بالناس. وفي المصدر : لأول ضال بالناس.
(٣) في المصدر : تجورون ، وهو الصحيح ، وسيتعرض لها في بيانه.
(٤) في المصدر : البجر ، والعبارة تختلف في الكامل وتعرض لها المصنف رحمهالله في بيانه الآتي.
(٥) في المصدر : خيرا. وإلى هنا رواية المبرد في الكامل.
(٦) في شرح النهج : وإن ، وهي نسخة جاءت في ( ك ).
(٧) في ( ك ) : فيه.
(٨) في المصدر : فلا بأس.
(٩) جاءت نسخة في ( ك ) : ودت.