فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن وإنما رفعوها مكيدة (١) وخديعة ، فامضوا لقتالهم ، فقلتم : اقبل منهم واكففت [ اكفف ] عنهم ، فإنهم إن أجابوا إلى ما في القرآن جامعونا (٢) على ما نحن عليه من الحق ، فقبلت منهم وكففت عنهم ، فكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين حكمين ليحييا ما أحياه القرآن ويميتا ما أماته القرآن ، فاختلف رأيهما واختلف حكمهما ، فنبذا ما في الكتاب وخالفا ما في القرآن وكانا أهله ، ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم ما تركونا حتى إذا عاثوا في الأرض يفسدون ويقتلون ، وكان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد ، وقتلوا خباب (٣) بن الأرت (٤) وابنه وأم ولده ، والحارث بن مرة العبدي ، فبعثت إليهم داعيا ، فقلت : ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ، فقالوا : كلنا قتلتهم ، ثم شدت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين ، فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم ، فقلتم : كلت سيوفنا ، ونصلت أسنة رماحنا ، وعاد أكثرها قصيدا (٥) فأذن لنا فلنرجع ولنقصد (٦) بأحسن عدتنا ، وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا حتى إذا أظللتم (٧) على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم ، وأن
__________________
(١) في كشف المحجة : رفعوا بها مكيدة.
(٢) في المصدر : إن حاجونا.
(٣) جاء في حاشية ( ك ) ما يلي : خباب ـ بالخاء المعجمة والباءين الموحدتين بينهما ألف ـ ابن الأرت بالألف والراء المهملة والتاء الفوقانية المشددة ـ مات قبل الفتنة ، ترحم عليه علي ٧ فقال :يرحم الله خبابا لقد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، والأرت من في كلامه رنة وهي عجمة لا تغير الكلام. مجمع.
انظر : مجمع البحرين ٢ ـ ٤٨.
(٤) في ( ك ) نسخة : الأرب ، ولعلها غلط أو تصحيف ، إذ لا يعرف بهذا الاسم. وفي المصدر : الخباب وابنه و ..
(٥) في المصدر : قصيرا. ونسخة جاءت في ( ك ) : قعيدا ، واللفظة مشوشة في (س) ولعلها : قصدا أو قعيدا. وانظر ما جاء في بيانه طاب ثراه.
(٦) في المصدر : ولنستعد.
(٧) نسخة في (س) : ظللتم ، وهي كذلك في المصدر ، وهي سهو لما سيأتي في بيانه ، وقد جاءت على بناء التفعيل والإفعال ، فلاحظ.