الصدقة من قومه ، وقال لهم : تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وننظر ما يكون من أمره ، وقد صرح بذلك في شعره حيث يقول :
وقالت رجال سدد اليوم مالك |
وقال رجال ، مالك لم يسدد |
|
فقلت دعوني لا أبا لأبيكم |
فلم أخط (١) وأيا (٢) في المقال ولا اليد. |
|
وقلت خذوا أموالكم غير خائف |
ولا ناظر فيما يجيء به غدي (٣) |
|
فدونكموها إنما هي مالك |
مصررة (٤) أخلافها لم تجدد |
|
سأجعل نفسي دون ما تحذرونه |
وأرهنكم يوما بما قلته يدي |
|
فإن قام بالأمر (٥) المجدد (٦) قائم |
أطعنا وقلنا الدين دين محمد |
فصرح ـ كما ترى ـ أنه استبقى الصدقة في أيدي قومه رفقا بهم وتقربا إليهم إلى أن يقوم بالأمر من يدفع ذلك إليه.
وقد روى جماعة من أهل السير (٧) وذكره الطبري في تاريخه (٨) أن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات وفرقهم ، وقال : يا بني يربوع! إن كنا قد عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين ، وبطأنا الناس عليه (٩) فلم نفلح ولم ننجح ، وإني قد نظرت في هذا الأمر فوجدت الأمر يتأتى لهم بغير سياسة ، وإذ الأمر لا يسوسه الناس فإياكم ومعاداة قوم يصنع لهم ، فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم ،
__________________
(١) لعله يقرأ في البحار : فلم أحظ ، بمعنى : لم أفضل ، كما في الصحاح ٦ ـ ٢٣١٦ ، وغيره.
(٢) في المصدر وشرح النهج : رأيا ، والوأي : الوعد ، كما نص عليه في الصحاح ٦ ـ ٢٥١٨.
(٣) في الشافي : به عندي. وروي : من الغد.
(٤) في (س) : مصردة. وهي بمعنى مقللة ، كما في لسان العرب ٣ ـ ٢٤٩ ، ومصررة .. أي مجتمعة ، قد ذكره في اللسان ٤ ـ ٤٥٢.
(٥) في ( ك ) : بالأمن.
(٦) في المصدر : المحدث.
(٧) كابن الأثير في كامله ٢ ـ ٣٥٨.
(٨) تاريخ الطبري ٣ ـ ١٧٦ [ ٣ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ] حوادث سنة ١١ ه ، بتصرف واختصار.
(٩) في المصدر : عنه ، بدلا من : عليه.