بكفره ، لكون ذلك الإنكار من أفراد هذا الأمر الكلي ، بل لقيام ذلك الدليل بخصوصه ، والظاهر أن من أنكر ضروريا من الدين ـ لا لشبهة قادته إلى الإنكار لم ينفك إنكاره ذلك عن (١) إنكار سائر الضروريات ، وتكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وما يشاهد في بعض الناس من نفي بعض الضروريات كحدوث العالم والمعاد الجسماني ونحو ذلك مع الإقرار في الظاهر بنبوة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم واعترافهم بسائر الضروريات وما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فذلك لأحد الأمرين : إما لكونهم ضالين لشبهة اعترتهم فيما زعموه كتوهمهم كون أباطيل بعض الفلاسفة وسائر الزنادقة برهانا يوجب تأويل الأدلة السمعية ونحو ذلك ، أو لكونهم منكرين للنبوة في الباطن ولكن لخوف القتل والمضار الدنيوية لا يتجرءون (٢) على إنكار غير ما كشفوا عن إنكاره من الضروريات ، وأما إظهارهم إنكار ذلك البعض فلارتفاع الخوف في إظهاره لاختلاط عقائد الفلاسفة وغيرهم بعقائد المسلمين بحيث لا تتميز إحداهما عن الأخرى إلا عند من عصمه الله سبحانه ، فمن دخل منهم تحت القسم الأول يشكل الحكم بخروجهم عن الإسلام ، لكون ما أنكروه غير ضروري في حقهم وإن صدق عليه عنوان الضرورة بالنسبة إلى غيرهم ، ولا ينافي ذلك أن يكونوا من أهل الضلال معاقبين على إنكارهم لاستناده إلى تقصير منهم في طلب الحق.
وأما القسم الثاني فخروجهم عن الإسلام لإنكار النبوة ، فظهر أن إنكار أمر ضروري على وجه يوجب الكفر لا ينفك عن إنكار النبوة المستلزم لإنكار سائر الضروريات.
فإن قيل : من أين يعلم أن مالكا وأصحابه لم يكونوا من القسم الثاني ، فلعلهم لم ينكروا الصلاة في الظاهر لأمر دنيوي.
__________________
(١) في (س) : على ، بدلا من : عن.
(٢) في ( ك ) : لا يجترون.