والكلام مهجور. قال أبو عبيد : يروى عن إبراهيم ما يثبت هذا القول في قوله تعالى : ( إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ) (١) قال : قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق. وعن مجاهد نحوه.
فظهر أن إنكار بعضهم كون الهجر بمعنى الهذيان من أفحش الهذيان.
وقد اعترف ابن حجر ـ مع شدة تعصبه ـ بأنه بمعنى الهذيان ، في مقدمة شرحه لصحيح البخاري (٢).
واللغط ـ بالتسكين والتحريك ـ : الصوت والجلبة أو أصوات مبهمة لا تفهم (٣).
والرزية : المصيبة (٤).
ثم اعلم أن قاضي القضاة في المغني لم يتعرض لدفع هذا الطعن عن عمر بن الخطاب ، وكذلك كثير من العامة كشارح المقاصد وغيره ، ولم يذكره السيد
__________________
وأهجرت بالرجل : استهزأت به وقلت فيه قولا قبيحا. وقال ابن الأثير في النهاية ٥ ـ ٢٤٥ ـ ٢٤٦ : يقال : أهجر في منطقه يهجر إهجارا : إذا أفحش ، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي ، والاسم الهجر ـ بالضم ـ ، وهجر يهجر هجرا ـ بالفتح ـ : إذا خلط في كلامه وإذا هذى .. ومنه حديث مرض النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : قالوا : ما شأنه؟ أهجر؟ .. أي اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام ، أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض ، وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان ، والقائل كان عمر ولا يظن به ذلك!.
أقول : إن كان ما قاله عمر على سبيل الاستفهام كان اعتقاده في الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كاعتقاده في سائر الناس ، ولكن صدر الحديث وذيله لا يلائم الاستفهام ، ولعله ترك الصدر والذيل ونقل مختصرا منه لذلك.
(١) الفرقان : ٣٠.
(٢) هدي الساري مقدمة فتح الباري لشرح صحيح البخاري : ٢٠٠ قال : أهجر ـ بهمزة الاستفهام والاسم : الهجر ، وهو الهذيان ، ويطلق على كثرة الكلام الذي لا معنى له ، قيل : وهو استفهام إنكار.
(٣) قاله في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٧١ ، والقاموس ٢ ـ ٣٨٣ ، وغيرهما.
(٤) ذكره في القاموس ١ ـ ١٦ ، ومجمع البحرين ١ ـ ١٨٣.