قال أبو الفرج : وفي حديث أبي زيد (١) ، عن السري ، عن عبد الكريم بن رشيد ، عن أبي عثمان النهدي أنه لما شهد الشاهد الأول عند عمر تغير (٢) لون عمر ، ثم جاء الثاني فشهد فانكسر لذلك انكسارا شديدا ، ثم جاء الثالث فشهد فكأن الرماد نثر على وجه عمر ، فلما جاء زياد جاء شاب يخطر (٣) بيديه ، فرفع عمر رأسه إليه وقال : ما عندك أنت يا سلح (٤) العقاب؟ وصاح أبو عثمان النهدي صيحة يحكي (٥) صيحة عمر ، قال عبد الكريم (٦) : لقد كدت أن يغشى علي لصيحته.
قال أبو الفرج : فكان المغيرة يحدث ، قال : فقمت إلى زياد ، فقلت : لا مخبأ لعطر بعد عروس (٧) ، يا زياد! أذكرك الله وأذكرك موقف القيامة وكتابه ورسوله أن
__________________
(١) في شرح النهج : زيد بن عمر بن شبة.
(٢) في المصدر : تغير الثالث لذلك. والظاهر زيادة كلمة : الثالث ، وكونها للسطر الآتي.
أقول : إن ملاحظة القصة بصدرها وذيلها تعطي علة تغير لون عمر أولا ، وانكساره ثانيا ، وصيرورته كأن الرماد نثر على وجهه ثالثا ، وإيعازه إلى رابع الأربعة في الشهادة بكتمان شهادته رابعا ، ولعل لمثل هذه الأوصاف والأفعال صار مثلا للعدل عند أهل التسنن؟!.
(٣) جاء في حاشية ( ك ) : والخطر ـ بالكسر ـ : نبات يختضب به. صحاح.
انظر : الصحاح ٢ ـ ٦٤٨. أقول : المعنى المناسب للمقام ما جاء في النهاية لابن الأثير ٣ ـ ٤٦ :
يخطر بسيفه .. أي يهزه معجبا بنفسه.
(٤) جاء في حاشية ( ك ) : في مصباح اللغة : سلح الطائر سلحا ـ من باب نفع ـ : هو منه كالتغوط من الإنسان ، وهو سلحه تسمية بالمصدر. [ منه ( رحمهالله ) ].
انظر : المصباح المنير ١ ـ ٣٤٣ ، وفيه زيادة الواو بعد : نفع.
(٥) في شرح النهج : تحكي.
(٦) في المصدر : عبد الكريم بن رشيد.
(٧) جاء في حاشية ( ك ) : ما يلي : قال الميداني في مجمع الأمثال : لا مخبأ لعطر بعد العرس ، ويروى لا عطر بعد العروس ، قال المفضل : أول من قال ذلك امرأة من عذرة يقال لها : أسماء بنت عبد الله ، وكان لها زوج من بني عمها يقال له : عروس فمات عنها فتزوجها رجل من قومها يقال له : نوفل ، وكان أعسر أبخر بخيلا دميما ، فلما أراد أن يظعن بها قالت له : لو أذنت لي فرثيت ابن عمي وبكيت عند رمسه؟. فقال : افعلي ، فقالت : أبكيك يا عروس الأعراس ، يا ثعلبا في أهله وأسدا عند