تتجاوز إلى ما لم تر ، ثم صحت يا أمير المؤمنين! إن هؤلاء قد احتقنوا (١) دمي ، فالله الله في دمي ، قال : فرتقت (٢) عينا زياد واحمر وجهه ، وقال : يا أمير المؤمنين! أما أن أحق ما حق القوم فليس عندي ، ولكني رأيت مجلسا قبيحا ، وسمعت نفسا حثيثا وانتهارا ، ورأيته متبطنها. فقال عمر : رأيته يدخل في فرجها كالميل في المكحلة (٣)؟. قال : لا.
قال أبو الفرج : وروى كثير من الرواة أنه قال : رأيته رافعا رجليها ، ورأيت خصييه مترددين بين فخذيها ، ورأيت حفزا شديدا ، وسمعت نفسا عاليا ، فقال عمر : رأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟. قال : لا. قال عمر : الله أكبر ، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم ، فقام المغيرة إلى أبي بكرة فضربه ثمانين (٤) وضرب
__________________
البأس مع أشياء ليس يعلمها الناس. قال : وما تلك الأشياء؟. قالت : كان عن الهمة غير نعاس ويعمل السيف صبيحات البأس. ثم قالت : يا عروس الأعز الأزهر الطيب الخيم الكليم المحضر مع أشياء له لا تذكر. قال : وما تلك الأشياء؟. قالت : كان عيوفا للخنا والمنكر ، طيب النكهة غير أبخر ، أيسر غير أعسر ، فعرف الزوج أنها تعرض به ، فلما رحل بها قال سمي إليك عطرك .. وقد نظر إلى قشوة عطرها مطروحة. فقالت : لا عطر بعد عروس .. فذهبت مثلا.
ويقال : إن رجلا تزوج امرأة فأهديت إليه فوجدها تفلة ، فقال لها : أين الطيب؟. فقالت :خبأته. فقال لها : لا مخبأ لعطر بعد عروس .. فذهبت مثلا ، يضرب لمن لا يدخر عنه نفيس.
وقيل : عروس اسم رجل مات فحملت امرأته أواني العطر فكسرتها وصبت العطر ، فوبخها بعض معارفها ، فقالت ذلك.
يضرب على الأول في ذم ادخار الشيء وقت الحاجة إليه ، وعلى الثاني في الاستغناء عن ادخار الشيء لعدم من يدخر له ، انتهى.
ولعل المناسب هنا الأول من المعنيين الأخيرين. [ منه ( رحمهالله ) ].
انظر : مجمع الأمثال ٢ ـ ١١٢ ـ ١١٣ برقم ٣٤٩١ بتصرف. وجاءت الفقرة الأخيرة في المستقصى لأمثال العرب للزمخشري ٢ ـ ٢٦٤ برقم ٩٩١.
(١) كذا ، في المصدر : احتقروا. وهو الظاهر.
(٢) في شرح النهج : فترنقت.
(٣) في المصدر : أرأيته يدخل ويخرج كالميل في المكحلة؟.
(٤) في ( ك ) : ثمانين جلدة.