وسيأتي بعضها في أبواب علم أمير المؤمنين عليهالسلام (١).
ومن أعجب العجب أن أتباعه ـ مع نقلهم تلك الروايات ـ يدعون تقدمه في العلم والفضل ، مع أنه ليس أمرا يمكن أن يدعى فيه البداهة ، ولم يقم دليل من العقل والنقل على أنه يجب أن يكون عمر من العلماء ، وإنما يعلم علم مثله وجهله بما يؤثر عنه ويظهر من فتاواه وأحكامه وسائر أخباره ، ولم يكن عمر في أيام كفره من المشتغلين بتحصيل العلوم ومدارسة المسائل ، بل كان تارة من رعاة الإبل ، وتارة حطابا ، وأحيانا مبرطسا وأجيرا لوليد بن المغيرة ونحوه (٢) في الأسفار لخدمة الإبل وغيرها ، ولم يكن من أحبار اليهود وأساقفة النصارى وعلماء المشركين ، وفي الإسلام أيضا لم يكن من المشتغلين بمدارسة المسائل ، وأكثر
__________________
وعن ابن عباس قال : كنت آخر الناس عهدا بعمر ، فسمعته يقول : القول ما قلت. قلت : وما قلت؟. قال : الكلالة من لا ولد له.
وجاء في تفسير ابن كثير ١ ـ ٥٩٥ : قال ابن عباس : كنت آخر الناس عهدا بعمر بن الخطاب ، قال : اختلفت أنا وأبو بكر في الكلالة والقول ما قلت!.
وقال العلامة الأميني في غديره ٧ ـ ١٠٤ : أخرج أئمة الحديث بإسناد صحيح رجاله ثقات ، عن الشعبي قال : سئل أبو بكر عن الكلالة ، قال : إني سأقول فيها برأي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد. فلما استخلف عمر قال : إني لأستحيي الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر!!. أخرجه سعد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم ، وأورده الدارمي في سننه ٢ ـ ٣٦٥ ، والطبري في تفسيره ٦ ـ ٣٠ ، والبيهقي في سننه ٦ ـ ٢٢٣ ، وحكى عنهم السيوطي في الجامع الكبير ـ كما في ترتيبه ـ ٦ ـ ٢٠ ، وذكره ابن كثير في تفسيره ١ ـ ٢٦٠ ، والخازن في تفسيره ١ ـ ٣٦٧ ، وابن القيم في أعلام الموقعين : ٢٩ ، وغيرهم. وجاء في كنز العمال ٦ ـ ٢٠ بزيادة قوله (ص) لحفصة سألها عنه : أبوك ذكر لك هذا ، ما أرى أباك يعلمها أبدا ، فكان عمر يقول : ما أراني أعلمها أبدا وقد قال رسول الله ٦ ما قال. قال في الكنز : أخرجه ابن راهويه وابن مردويه وهو صحيح.
وقد فصل القول فيها وعلق عليها وأجاد شيخنا الأميني رحمهالله في غديره ٦ ـ ١٢٧ ـ ١٣١ ، والسيد الفيروزآبادي في السبعة من السلف : ٨٥ ، وغيرهما من أعلامنا رضوان الله عليهم.
(١) بحار الأنوار ٤٠ ـ ١٤٩ ـ ١٥٤ و ٢٢٥ ـ ٢٣٦ ، وغيرهما.
(٢) في (س) : ونحو ـ بلا ضمير ـ.