وحي الإسلام ، صفحة ٣٥ تحت عنوان ( الإسلام دين السعادة والسلام وارتباط الإنسان المكلف وتقيده بالنظام الإلهي التشريعي يعبر عنه بالعبادة بمعناها العام في مقابل العبادة بمعناه الخاص المتمثلة بالعبادات الخاصة المعهودة وهي الصلاة وبعض مقدماتها التي لا تصح بدون قصد القربة ـ والحج والصوم والزكاة والخمس ونحوها مما اعتبر في صحته وفراغ الذمة منه قصد التقرب به لله تعالى .
والحكمة في تشريع هذه العبادات على هذا الوجه هو تأثيرها الإيجابي في تقوية الرابطة الإيمانية وترسيخها في حقل النفس لتشد المكلف وباستمرار بسلك العبودية إلى الذات الإلهية المقدسة فلا يتجاوز حد الإطاعة لها والاستقامة في خط عبادتها والخضوع المطلق لإرادتها مهما كانت الضغوطات أو الإغراءات المقتضية بطبعها للإنحراف عن نهج العبودية القويم وصراطها المستقيم .
وذلك لأن الإتيان بالعمل تقرباً لله سبحانه وانقياداً لإرادته ، إذا استمر المكلف عليه فهو يقوي ارتباطه به فكرياً وروحياً ونفسياً ويؤدي ذلك بطبعه إلى انحصار تصرفاته في إطار إطاعته لله تعالى وعدم تجاوزه حد عبوديته له في كل الأوضاع والأحوال وإذا اتفق تجاوزه له بتأثير بعض العوامل الضاغطة فسرعان ما يعود إلى نهج الإطاعة والاستقامة ـ من باب التوبة ليطهر نفسه بها من أدران المعصية كما أمره الله تعالى ورغبه فيها بقوله سبحانه :
( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (١) .
وبذلك ندرك أن فلسفة تشريع العبادات بمعناها الخاص وكيفيتها
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٢ .