هكذا خضوع الإنسان
الاختياري لنظام الإله التشريعي يعود عليه فرداً ومجتمعاً بالكثير من الفوائد ويجنبه العديد من المفاسد . وقد أشارت الآية
الأولى السابقة إلى كلا النوعين من الآثار الإيجابية البناءة والسلبية المدمرة أما الأولى فقد مر ذكرها في أولها أي أول الآية وأما الثانية فقد بينها سبحانه في آخرها حيث قال : (
وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
(١) . وتتجلى هذه الحقيقة
الموضوعية بالمقارنة بين الوضع الجاهلي الذي كان سائداً في العالم بصورة عامة والجزيرة العربية بصورة خاصة قبل بزوغ فجر الرسالة الإسلامية . والوضع الرسالي الذي تطورت إليه الأمة العربية بعد بزوغ هذا الفجر الوضاء واستنارتها بأضوائه الزاهرة وتحولها من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد العلام ومن النظم الجاهلية المفرقة إلى القوانين الدينية الموحدة لتصبح بفضل هذا التحول والتبدل في المفاهيم والعقائد والممارسة . خير أمة أخرجت للناس
تأمر بالمعروف بعد فعله وتنهى عن المنكر بعد تركه ويحب كل فرد من أبنائها لأخيه ما يحبه لنفسه ويكره له ما يكره لها من أجل أن يحقق بذلك مصداقية إيمانه الذي لا يتم بدون ذلك . وكذلك يُسلِّم الناس
من يده ولسانه تجاوباً مع طبيعة إسلامه الأصيل بعد أن كان في ظل الجاهلية العمياء على عكس ذلك كله ، وبضدها تتميز الأشياء . وقد شرحت ذلك مفصلاً
في حديث ديني منشور في الجزء الأول من __________________ (١)
سورة الأعراف ، الآية : ٩٦ .