المؤدي لها بوعي وبصيرة كان يؤدي إلى أن يقف أحدهم مع السلم والمسالمة حتى مع قاتل أبيه ـ وإذا قويت هذه الروح السلمية لدى الحاج الواعي لفلسفة الحج والحكمة المقصودة من تشريع محرمات إحرامه ـ ترقت من مستوى المسالمة والعفو عن المسيء إلى مرتبة أعلى ومستوى أرفع وأقرب لرضا الله تعالى وهو مستوى مقابلة الإساءة بالإحسان وذلك هو خلق المؤمنين الصلحاء والمتقين النبلاء الذين مدحهم الله سبحانه بقوله :
( الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١) .
وقد صرح سبحانه بأهمية الإحسان وخصوصاً إذا كان للمسيء بقوله تعالى : ( وَلاَ تَسْتَوى الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَع بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ ) (٢) .
وإلى هذا المعنى الجميل النبيل المستوحى من الآية الكريمة أشار الشاعر بقوله :
جاز الإساءة بالإحسان إن بدرت |
|
من امرىء زلةٌ تدعو إلى الغضب |
سجية النخل من يرميه في حجر |
|
جازاه عن رميه بالبُسر والرطب |
ويتأكد العفو عندما يعتذر المسيء لما صدر منه ويطلب العفو عنه وقبول العذر منه وقال بشار بن بُرد حول هذا الموضوع .
إذا اعتذر الجاني إليك عذرتَه |
|
ولا سيما إن لم يكن قد تعمدا |
فمن عاقب الجُـهال أتعب نفسه |
|
ومن لام من لا يعرف اللوم أفسدا |
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية : ١٣٤ .
(٢) سورة فصلت ، الآية : ٣٤ .