فإذا كان دوره حفظ الحياة واستمرارها كالقلب أدى توقفه إلى فقد الحياة لتتوقف بقية الأعضاء عن العمل تبعاً لتوقفه .
وإذا كان دوره التفكير والتخطيط والإدراك من أجل حصول العمل المناسب من العضو المعد لَه وفي الوقت المناسب ـ كالعقل فإذا فقد زال أثره وخسر الإنسان وجوده المعنوي الإنساني حيث يصبح فاقداً للتوازن في تصرفاته وشبيهاً بالأنعام في حركاته .
لأن بقية الأعضاء وإن كانت لا تزال عاملة ومتحركة وغير فاقدة للحياة ولكنها أصبحت فاقدةً للتوازن والحركة الهادفة التي تنطلق في سبيل الهدف العقلائي الذي يرفع وينفع الإنسان فرداً ومجتمعاً مادياً ومعنوياً .
وإذا أردنا أن نشبه بعض العبادات ببعض أعضاء البدن بلحاظ الفاعلية وقوة التأثير الإيجابي على سير ومسير الإنسان في هذه الحياة تأتي الصلاة لتكون شبيهةً بالقلب والحج ليكون شبيهاً بالعقل لأن الصلاة عمود الدين وعماده فإذا فقد عمود البناء انهار وسقط على الأرض وكذلك هي تمثل أداة الوصل بين المخلوق الذليل الفقير الجاهل المفتقر إلى مصدر الكمال المطلق ليزيل ضعفه بقوته وفقره بغناه ومعونته وذله بعزته الذاتية وجهله بعلمه الواسع المطلع على كل شيء ـ فإذا اتصل بهذه الذات الكاملة أمكنه أن يستمد منها كل ما ينفعه ويرفعه ويعطيه وجوده الإنساني المعنوي بعد أن ظفر بأصل وجوده الجسمي المادي ويصبح بذلك بشراً سوياً ومؤمناً ولياً له وزنه واعتباره في ميزان السمو والرفعة الحقيقية .
وإذا قطع صلته بهذه
الذات العظيمة فقد بذلك مصدر إنسانيته ومنبع كماله وسعادته وأصبح كالسفينة التي انقطع حبلها الذي كان يشدها إلى المرفأة الأمين ليصونها من الغرق والتحطم بفعل الأمواج المتلاطمة