وقوله : ما مضمونه : ما بين إسلام المسلم وكفره إلا أن يترك هذه الصلاة وكما شبهنا الصلاة بالقلب بالاعتبار المذكور يصح تشبيه الحج بالعقل ـ من جهة مساعدته على حفظ توازن الإنسان المؤمن واستقامته في إيمانه وأعماله التي يمارسها على صعيد هذه الحياة وذلك ببركة المنافع الكثيرة والكبيرة التي يجنيها الحاج من شجرة هذه الفريضة المباركة وقد مرت الإشارة إلى بعضها وسيأتي التنبيه على بعضها الآخر عند الكلام حول الحكمة والفائدة المترتبة على بقية الشعائر الراجعة إلى فريضة الحج المباركة .
وعلى ضوء هذه الحقيقة الإيمانية ندرك واقعية ما تقدم ذكره من أن لكل واحدة من العبادات الخاصة ـ أثرين أحدهما يترتب عليها وينحصر في إطارها .
والثاني أوسع منها لامتداده وانطلاقه مع المكلف في درب الحياة ليؤثر في كل تصرف يصدر عنه بإرادته واختياره .
وذلك الأثر الأوسع هو التقوى وأوضح مثال لذلك هو الصوم الذي شرع الله فريضته لترسيخ ملكة التقوى في نفس المكلف كما هو المفهوم من صريح قوله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) .
وذلك لأن هذا الأثر الإيجابي المبارك إذا ترتب على الصوم فهو يلازم المكلف ويصاحبه ليجعل كل شهر عنده شهر رمضان من أجل أن يؤدي الصيام العام المتمثل بالإمساك التام عن كل حرام في جميع الشهور
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٣ .