ذلك من صعوبات وتضحيات لأن الفوائد التي يجنيها بامتثاله حاضراً في هذه الدنيا ومستقبلاً في الآخرة هي أكبر وأعظم من كل صعوبة تحصل في طريق الامتثال كما أن السلبيات المترتبة والصعوبات الناشئة من مخالفة تعاليم الله سبحانه هي أيضاً أكبر وأخطر من كل صعوبة تحدث للمكلف بسبب استقامته في خط التقوى كما أنها أكبر وأكثر من الفوائد المادية الدنيوية الزائلة .
ويؤكد عامل الاستقامة في خط العبودية والخضوع لإرادة الله تعالى الإلتفات إلى أن طبيعة هذه الحياة قائمة على أساس عام وقاعدة ثابتة لا يستطيع أي إنسان أن يتجاهلها ويتجاوز حدودها بقطع النظر عن القضايا التعبدية والالتزام بالأحكام الشرعية .
وهي أن الأهداف الحياتية وخصوصاً الكبيرة منها لا تدرك إلا بالتعب والتحمل فطالب العلم في مدرسته لا يحصل النجاح إلا بالسهر والصبر على المشقة وكذلك طالب المال والثراء لا يدرك الربح المنشود في تجارته إلا بالتعب الجسمي والفكري غالباً .
والمجاهد في ساحة النضال لا يحقق هدف الانتصار والتحرر إلا بالصبر على مضاعفات المعركة وصعوباتها المعهودة وإلى ذلك أشار النبي عيسى عليه السلام ـ بما روي عنه في وصيته للحواريين من قوله لهم : إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ، وإلى هذا المعنى أشار الشاعر بقوله :
ذريني أنلْ ما لا يُنال من الـعلى |
|
|
فصعب العلى في الصعب والسهل في السهل |
تريدين إدراك المعالي رخيصة |
|
ولا بد دون الشهد من إبر النحل |