إيماني رائع ونور ساطع يبدد ظلمة اليأس بشعاع الأمل والثقة القوية برحمة الله سبحانه وأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها بمقتضى عدالته وحكمته ولا يتركها وحدها في ساحة الصراع تصارع الأيام وتتجشم الآلام بدون أن يمد إليها يد الرحمة والمعونة ليجعل لها من بعد عسر يسراً ومن بعد شدة فرجاً في الغالب .
ويفهم ذلك من صريح قوله تعالى :
( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) (١) .
وقد أشار بعض الشعراء إلى هذا المعنى بقوله :
ولا تيأسنَّ وإن طالت محاولـة |
|
إذا استعنت بصبر أن ترى الفرجا |
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحـاجته |
|
ومُدمن القرع للأبواب أن يلجا |
وقد رأينا بعين الحقيقة والواقع الملموس ـ كيف بدل الله سبحانه شدة هاجر وولدها بالفرج والرخاء وظمأها بالري والارتواء ووحشتهما المقيتة وغربتهما المؤلمة ـ بحسن الجوار لجماعة عرفوا قدرهما وقدموا كل أنواع الدعم والمعونة لهما .
وتأتي الحوادث التاريخية الواقعية لتؤكد هذه الحقيقة الإيمانية وأبرزها ما حصل للنبي أيوب من الشفاء بعد العارض الجسمي الذي أحاط ببدنه ومن إعادة الحياة لأولاده بعد موتهم بالحادث الذي حصل لهم مع عودة أمواله ومواشيه إلى سابق عهدها وعودة زوجته رحمة لتعيش معه في ظل الحياة الزوجية السعيدة بعد أن مرت عليها شدة شديدة وبلاء عظيم حصل لها تبعاً للابتلاء الشديد الذي أصيب به زوجها النبي الصابر الذي مدحه الله سبحانه لصبره بقوله تعالى :
__________________
(١) سورة الشرح ، الآيتان : ٥ و ٦ .