إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي . وأخيراً شاءت الرحمة الإلهية والعناية السماوية أن تهيأ له وسيلة خروجه من سجن الشعب وترد على مكر المشركين الذي دبروه ليلة الهجرة بمكر عادل مبطل لمكرهم الظالم وذلك بإخباره عما عزموا عليه وأمره بأن يأمر علياً بالمبيت في فراشه ليلة هجرته ليكون مبيته فيه مغطياً لانسحابه من بينهم فلا يشعروا به ، وامتثل علي عليهالسلام أمر السماء ووقى بشخصه حياة سيد الأنبياء وكلل هجرته بالنجاح والتوفيق ليتحول من مرحلة الضعف والدعوة إلى مرحلة القوة والدولة ويفتح له مكة بعد ذلك سلماً ويفتح له بذلك القلوب بالإيمان ليدخل الناس في دين الله أفواجاً .
وقد سجل الله سبحانه ذلك كله على صفحات كتابه الكريم لتستلهم الأجيال منه دروساً تربوية تنير لها درب التضحية والجهاد والصبر والثبات على منهج الحق في مقام الدعوة إلى مبدئه والتمسك بخطه والدفاع عنه عندما يتعرض للخطر من قبل أعداء الرسالة والفضيلة .
هذا حاصل ما يمكن استلهامه من الدروس التربوية من قصة هجرة النبي إبراهيم عليهالسلام وسفره بزوجته هاجر وطفله اسماعيل إلى بلد غير ذي زرع ليتحول بعد وجود أسرته فيه إلى حقل خصب مزدهر بالزرع المعنوي المبارك الذي تمثل بزرع الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بذور الإيمان والتوحيد وغرسه شتلات الرسالة الخالدة الخاتمة في حقل العقول وسقيها بماء التوعية والتربية الرسالية المثالية حتى أصبحت خلال فترة قصيرة ـ شجرة ميمونة مباركة أصلها ثابت في صعيد القلوب وفرعها ممتد إلى سماء الكمال والفضيلة لتؤتي أكلها الطيب وتعطي ثمرها اليانع كل حين بإذن ربها .
ويسرني أن أذكر في
ختام هذا الحديث المنطلق في رحاب هجرة