على المخالفة العملية للوظيفة الشرعية وإنما كان عن تسليم لأمر الله سبحانه ورضا بقضائه وهذا هو روح العبودية الكاملة والعبادة المخلصة لله تعالى وهي القسم الثالث من أقسام العبادة الذي اختاره الإمام علي عليهالسلام لأنه يمثل غاية الخضوع وقمة الخشوع أمام عظمة الخالق المعبود بحق وجدارة حيث قال عليهالسلام : إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك .
وقد عبر الله سبحانه عن تسليمهما الخاشع أمام قضائه الواقع بقوله سبحانه : فلما أسلما . . .
النقطة الثانية : أن إقدام النبي إبراهيم على ذبح ولده إسماعيل الطفل الوحيد لم يكن مشوباً بشيء من الرقة والعطف الأبوي الذي يقتضي بطبعه التريث والبطء في مقام الامتثال كما هو واضح بمقياس العاطفة البشرية وخصوصاً العاطفة الأبوية وعلى الأخص مع الطفل الوحيد الوديع الذي بلغ من العمر مرحلة تساعده على العمل في سبيل خدمة أبويه ومساعدتهما على تحقيق بعض الخدمات ولا سيما إذا كان الوالد شيخاً كبيراً كما كان بالنسبة إلى موضوع الحديث وموضع الإعجاب والتقدير .
ويستفاد ما ذكرناه في هذه النقطة من قوله تعالى : ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) حيث يفهم من هذه الكلمة ـ معنى القوة على ضوء ما ورد في تفسيرها لغة وشرحاً في كتب التفسير . قال المرحوم العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في كاشفه مفسراً مفردات الآية المذكورة بقوله : أسلما ـ استسلما لأمر الله تعالى وتله ـ صرعه وألقى به على الأرض (١) .
وهذا يدل على أن حرارة الإيمان المتوهجة في قلبه غلبت على
__________________
(١) تفسير الكاشف ج ٦ ، ص ٣٤٩ الطبعة الأولى .