النبيين العظيمين وأنهما مستعدان لأن يقدم أحدهما نفسه والآخر ولده قرباناً لله تعالى وطلباً لمرضاته هذا من جهة .
ومن جهة أخرى أراد الله سبحانه أن يقدم منهما قدوةً مُثلى وأسوة فضلى للأجيال المؤمنة عبر التاريخ لتقتدي بهما في مجال الجهاد والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة الحق والدفاع عنه عندما يتعرض للخطر .
وقد شاء الله تعالى أن يخلد ذكرهما العاطر وذكراها الحافلة بكل أنواع التضحية والفداء ـ وذلك بجعل تقديم الهدي من الشعارات الواجبة في حج التمتع على من استطاع إليه سبيلاً . وفي اليوم العاشر من ذي الحجة وفي نفس المكان الذي أقدم النبي ابراهيم على تقديم ولده فيه قرباناً لله وامتثالاً لأمره باعتقاد أن ذلك كان هو الذي أوجبه الله عليه في المنام وحيث أن الواجب الذي كان مطلوباً منه في الواقع هو نفس الإقدام على ذبح ولده ، هذا لأن ذلك كافٍ لنجاحه في الامتحان وظهور أنه مستعدٌ للإقدام على تقديم ولده في سبيل الله فيُعرف مكانه الرفيع عند الله وتُرسم بذلك القدوة المثلى والأسوة الحسنة للآخرين كما أراد رب العالمين ـ وقد تحقّق منه ذلك الإقدامُ وترتب عليه الغرض المنشود ولذلك أخبره الله بالحقيقة بقوله تعالى :
( وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) (١) .
__________________
(١) سورة الصافات ، الآيات : ١٠٤ و ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ .