والقضاء المقصودين بقوله تعالى :
( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (١) .
وقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (٢) .
وقد شاءت الإرادة الإلهية أن يُمتحن أبو الأنبياء بأقصى وأصعب أنواع الابتلاء وهو الامتحان بالنفس وبعده الامتحان بالمال وقد تقدم الحديث عن امتحانه بالولد ونجاحه العظيم الذي أحرزه بهذا الامتحان العظيم .
وكان امتحانه في نفسه يوم تعرض للإحراق الفظيع بتلك النار الكبيرة على يد طاغية عصره النمرود وزبانيته وكان إقدامهم على إحراقه بسبب تحطيمه أصنامهم وتسفيه أحلامهم الأمر الذي أشعل نار الحقد في قلوبهم وأرادوا أن يحولوه إلى نار مادية يحرقون بها خصمهم الثائر عليهم فأضرموا تلك النار الكبرى التي جُمع لها الكثير من الحطب خلال فترة طويلة على يد السائرين في طريق ذلك الطاغي المتعاونين معه على الإثم والعدوان .
وأرادوا أن ينفسوا عن حقدهم الدفين وبغضهم اللئيم فوضعوه في المنجنيق وقذفوه به إلى وسط تلك النار الجبارة .
وتتجلى حقيقة التوحيد الخالص عند هذا البطل التوحيدي العظيم ـ برفضه قبول كل أنواع المساعدة على إنقاذه مما تعرض له من الإحراق والاحتراق وكان الذين عرضوا عليه المساعدة ملك الهواء وملك المطر
__________________
(١) سورة البقرة ، الآيات : ١٥٥ و ١٥٦ و ١٥٧ .
(٢) سورة الزمر ، الآية : ١٠ .