وجبرائيل ذي القوة المتين فاعتذر من قبول المساعدة منهم راغباً في ترك الأمر إلى إرادة الله سبحانه ليتم الامتحان وليقضي سبحانه أمراً كان مقدراً ومفعولاً .
وعندما اعتذر من قبول المساعدة على إنقاذه من قبل جبرائيل قال له جبرائيل هذا : إذن ادع الله سبحانه ليفرج عنك ويخلصك من هذا البلاء الكبير الخطير فرد عليه ( أي على جبرائيل ) قائلاً :
علمه بحالي يغنيه عن سؤالي .
وبعد أن نال النجاح العظيم في هذا الامتحان العسير ـ قدم الله له سبحانه الجائزة التكريمية الكبرى المعجلة في هذه الدنيا ـ بأن جعل عليه تلك النار برداً وسلاماً ـ وأخرج له الماء من قلب تلك النار وخلق له السمك في ذلك الماء ـ ليحصل بذلك ما هو مضطر إليه من الطعام والشراب خلال فترة وجوده في سجن تلك النار .
وقد تحقق له ما أراده الله سبحانه حيث أخذ يشوي السمك بتلك النار ويأكله ويشرب من ذلك الماء ـ وهكذا تصنع القدرة الإلهية فتحول ما جُعل سبباً لهلاك المؤمن ـ إلى سبب لحياته وذلك عندما يجاهد في سبيل الله ويتوكل عليه ويتقيه حق تقاته فإنه بذلك يستحق أن يفي الله له بما وعده به من النصر والفرج والكفاية والإغناء عن غيره من لئام خلقه .
قال سبحانه : ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (١) .
وقال تعالى : ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (٢) .
__________________
(١) سورة محمد ، الآية : ٧ .
(٢) سورة الطلاق ، الآية : ٣ .