ذلك بالاستمرار على الصبر والتسليم وينال ثواب الصابرين وجائزتهم التي أشار الله سبحانه إليها بقوله في آخر الآية المذكورة :
( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (١) .
وإذا حصل منه تبدل وتغير في الوضع بتحوله من موقف الالتزام والاستقامة في العقيدة والسلوك إلى موقف الانحراف عنه فإنه بذلك يظهر واقعُه أمام نفسه والآخرين وأن التزامه الذي كان عليه لم يكن قائماً على أساس ثابت بدليل اهتزاز موقفه وتغير تصرفه من الاستقامة إلى الانحراف ليكون مصداقاً لقوله تعالى :
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (٢) .
وكما يكون الامتحان بالمصيبة كذلك يكون بالنعمة والتكليف الحقيقي الواقعي الذي صدر من المولى بقصد العمل والامتثال أو الظاهري الذي لم يصدر لذلك بل لمجرد الاختبار والامتحان فقط ونجاح المؤمن في امتحان النعمة يكون أولاً باعترافه بكونها من الله سبحانه وتوفيقه وليست لمجرد توفير الأسباب المادية العادية المتعارفة فيكون ذلك منطلقاً من إيمانه بمؤدى قوله تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) (٣) .
وثانياً بصرف هذه النعمة في سبيل إطاعته تعالى انطلاقاً من إيمانه بأنه سبحانه إنما وفقه لنيل هذه النعمة ومَنَّ بها عليه من أجل أن يستعين بها
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٥٧ .
(٢) سورة الحج ، الآية : ١١ .
(٣) سورة النحل ، الآية : ٥٣ .