حيث
ورد فيه ما نقل عنه من قوله عليهالسلام : العُبادُ ثلاثة قوم
عبدوا الله خوفاً فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله عز وجل طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء وقوم عبدوا الله حباً فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة (١) . ويفهم من قوله عليهالسلام وهي أفضل العبادة أن القسمين الأولين من العبادة لهما درجة من الفضل والقبول وليسا محكومين بالبطلان والسقوط في ميزان الاعتبار الإلهي . والوجه في ذلك أن
الميزان في صحة العبادة هو الإتيان بها مضافةً لله تعالى بوجه من وجوه الإضافة التي تربطها به وتقرب صاحبها منه بمقدار من القرب وهذا ينسجم مع الرحمة الإلهية وطبيعة الشريعة السماوية المتجاوبة مع الفطرة البشرية والطبيعة الإنسانية العامة التي تتحرك وتُحرك الكائن البشري في إطار حبه لذاته ورغبته في النعيم وسلامته من الشقاء الأليم حتى في حال ممارسته الطقوس الدينية التعبدية . وأما الأشخاص الذين
يذوبون في حب الله تعالى فينسون أنفسهم وتطلعاتهم الذاتية بحيث لا يصدر منهم سوى ما ينسجم مع ذلك الحب المقدس . أما هؤلاء فأقلاء
جداً ومثالهم الواضح الأنبياء المقربون وخصوصاً سيدهم الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار عليه وعليهم أفضل التحية وأزكى التسليم ويُلحق بهم السائرون على ضوء هداهم من المؤمنين الأبرار ويشهد بهذه الحقيقة الإيمانية الرائعة ما ورد في مناجاة علي عليهالسلام السابقة التي يقول فيها : __________________ (١)
نفس المصدر السابق ، صفحة ٢٠٤ .