بالنسبة إلى فريضة الحج مثل تكبيرة الإحرام بالنسبة إلى الصلاة حيث يحرم بعدها ما كان حلالاً قبلها وارتداء ثوبي الإحرام يكون إشعاراً بدخول الحاج في حرم الله سبحانه وحدود مملكته الشرعية التعبدية كما يغير الجندي ملابسه العادية ويرتدي ملابس الجندية وطالب المدرسة أثوابه الطبيعية بثوبه المدرسي ـ وذلك لأن التغيير الظاهري يقتضي بطبعه التغيير الداخلي بتحول الإنسان المكلف من حالة التحلل والانطلاق من قيود وحدود فريضة الحج ـ إلى حالة التعبد والتقيد بنظام هذه الفريضة المقدسة بفعله ما يجب عليه فعله من مناسك الحج وتركه ما يحرم عليه فعله من محرمات الإحرام ـ هذا مضافاً إلى ما يثيره تبديل الملابس العادية المخيطة بملابس أخرى غير مخيطة بالنسبة إلى الرجل ـ من تذكر الموت وما بعده بسبب الشبه القوي بين ثوبي الإحرام وقِطَعِ الكفن وذلك يقتضي بطبعه الزهدَ في زخارف هذه الدنيا الزائلة والانصراف عما يبعده عن الله تعالى ويحرمه من رضوانه ـ من المحرمات وما يلحق بها من المشتبهات التي تؤدي بفاعلها إلى الوقوع في الحرام من حيث لا يدري . وفي المقابل يبعث تذكر الموت الرغبة في الاستعداد للموت قبل حلول الفوت ويتمثل ذلك بالمبادرة إلى التوبة النصوح والتزام خط الاستقامة في طريق الشريعة .
ويأتي الطواف بعد ذلك ليكون الخطوة الثانية في طريق الرحلة والسفر إلى الله تعالى بالفكر والروح وتكون الحركة الدائرية بقيودها وحدودها ـ حول الكعبة المشرفة ـ رمز الالتزام بمنهج الشريعة وخط العبودية وعدم تجاوز حدودها كما لا يتجاوز حدود الطواف ولا يخالف شروطه المعتبرة في صحته .
ثم تأتي صلاة الطواف
بعده لتكون رمزاً لمرتبة القرب من الله تعالى والدنو من ساحة رحمته وغفرانه بسبب قيامه بحركة الطواف العبادية ضمن