وإذا كان تاركاً للأولى ـ أي للواجبات ـ كلا أو بعضاً وفاعلاً للثانية أي المحرمات كلا أو بعضاً وتاب لله سبحانه من ذلك كله وانطلق في سبيل الاستقامة على نهج التقوى فعليه أن يسأل نفسه ويحاسبها بأسلوب آخر قائلاً :
لماذا أنا رجعت إلى النهج القويم بعد الانحراف عنه ؟
فسيكون الجواب على كلا السؤالين بأن ذلك هو العبادة التي خلقني الله من أجلها وأنا مأمور بها لكونها سبيل الكمال والسعادة في الدنيا والآخرة فإذا أتيت بها كما أمرني الله تعالى ظفرت بذلك وإذا أهملتها خسرت ثواب الطاعة في الآخرة ومصلحتها المعجلة في الدنيا وعرضت نفسي للعقاب الشديد في الدار الأخرى وسببت لها الكثير من المتاعب والمصائب في هذه الدار وذلك هو الخسران المبين .
هذا هو الجواب المتوقع حصوله من المسلم الواعي الذي يُفرض في حقه أن يكون حاملاً في ذهنه صورة هذه المحاسبة لنفسه وطرح تلك الأسئلة عليها لتجيبه بلسان الفطرة السليمة والعقيدة الصحيحة بالأجوبة المذكورة .
وعلى ضوء ذلك نقول للمسلم الذي عقد العزم على السفر لحج بيت الله الحرام وهو يحمل في ذهنه صورة الحوار والمحاسبة المذكورة وفي قلبه العقيدة والإيمان بمضمونها ومحتواها :
إذا كنت مؤمناً بهذه
الحقيقة فعليك أن تعمل بمقتضاها باستقامتك في منهج التقوى التي تتحقق بفعل ما أمرك الله به من الواجبات وترك ما نهاك عنه من المحرمات ـ وحيث أن إخراج الحق الشرعي من مالك بعد تعلقه به واجب شرعي لنفسه كالصلاة والصيام والحج وسائر الواجبات