والسبب الذي منع الغلام المذكور في القصة الأولى ـ من الإقدام على الحرام ـ وأنتج له قربه من الله سبحانه وتفضله عليه بما حصل له من التحرر بعد الرق والغنى بعد الفقر .
أجل : نفس هذا السبب وهو إحساس الغلام الأول بمرافقة الله له وحضوره عنده بعلمه واطلاعه الشامل هو الذي دعا الغلام الثاني لأن يعامل ذلك الحيوان بمعاملة العطف والإحسان نتيجة إحساسه بمراقبة الله له واطلاعه على جميع تصرفاته وأنه يحب المحسنين حتى للحيوان ويُكافيء على الحسنة بعشر أمثالها كما وعد في كتابه الكريم ـ وقد تحققت له هذه المكافأة معجلاً في حاضر الدنيا كما رأيت مضافاً إلى ما سيناله هناك يوم الجزاء العادل ـ من جنة عرضها السموات والأرض ورضوان من الله أكبر .
وصدق الله سبحانه حيث قال :
( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (١) .
القصة الثالثة : نقلتها عن كتاب جزاء الأعمال صفحة ١٨ وسبق ذكر اسم مؤلفه وهي كما يلي :
نقلوا أن ملكاً ظالماً أراد أن يبني له قصراً فاستدعى المهندسين لكي يخططوا له خارطة ذلك القصر على الأرض بحسب ما خطر في ذهنه وكان بجانب هذه الخارطة بيت صغير لامرأة عجوز وكانت خارطة قصر الملك مصمّمة على أن يكون بيت العجوز ضمن مخطط القصر لكي يظهر بشكل مربع فطلب من العجوز أن تبيعه بيتها فرفضت طلبه بسبب كون البيت ملجأً لأطفالها يأوون إليه . ويوماً كانت هذه المرأة في سفر فلما عادت وجدت
__________________
(١) سورة الرحمن ، الآية : ٦٠ .