بيتها قد هدم فتأثرت تأثراً شديداً من العمل ونظرت إلى السماء وقالت :
إلهي إن كنتُ غائبة فقد كنت حاضراً ، وبعد إتمامها لهذه المناجاة حدث زلزالٌ شديد تهدم على أثره قصر الملك وكان حينها يجلس في أعاليه فدمّر الملك تحت أنقاض القصر وأصبح من الهالكين .
وقال المؤلف معلقاً على هذه القصة :
وهذه عبرة للعقلاء كي يعلموا أن الظلم لا يدوم ، إن الذي فعلته العجوز في مناجاتها لا تستطيع فعله آلاف القذائف والمعاول ، ومحل الشاهد في هذه القصة هو أن هذه العجوز حيث كانت مؤمنة بالمرافقة الإلهية والحضور المطلق في كل مكان وزمان ومع كل إنسان وأنه لا يرضى بحصول الظلم ولا يهمل معاقبة من يتجاوز حدوده ويتمرد عليه ويتجرأ بظلم خلقه ـ لذلك لجأت إليه واعتمدت في معاقبة ظالمها عليه وكان سبحانه حسبها ونعم النصير حيث انتقم لها منه وعجل عقوبته .
وبعد التأمل في سبب إقدامه على هذا الظلم الفاحش ـ ندرك أن غياب الله سبحانه عن شعوره وإحساسه بحضوره ومرافقته لكل كائن ومطلع على كل ما يصدر منه سراً وجهراً الأمر الذي أدى إلى عدم تحقق المرافقة بالمعنى الثاني عند هذا الظالم وهو مرافقة الدعم والتوفيق لأنه مرتبط بحصول سببه المؤدي له وهو التقوى والتوكل الواعي الواثق وفي مورد القصة حيث حصل عكس ذلك فقد جاءت النتيجة مناسبة لمقدمتها لقوله تعالى :
( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ) (١) .
__________________
(١) سورة غافر ، الآية : ٤٠ .