الإنسان مناهج عبادية وتعاليم أخلاقية تساهم في التخفيف من ثقل المادة وضغط الطين على روحه لتستطيع التحليق في آفاق الكمال الإنساني وتحقق الغاية التي خلق الله الكون من أجلها وأوجد الإنسان بصورة خاصة ليحققها وهي استقامته في خط العبودية الخالصة المخلصة التي تثمر له السعادة في الدنيا والآخرة .
وبذلك يظهر السر في اشتراط صحة تلك العبادات بقصد التقرب بها لله وحده حين الاتيان بها لأنها بذلك تشد الروح إلى مصدرها والنفس إلى بارئها بسلك التقوى فتصفو وتعلو وتتحلل من قيود المادة التي تشدها إلى الأرض وتمنعها من الانطلاق والتحليق إلى سماء الفضيلة والكمال كما أراد الله تعالى .
ويتجلى ذلك بوضوح في تأدية فريضة الصلاة بتجرد وإخلاص وجوباً خمس مرات في اليوم واستحباباً بلا تحديد وبذلك كانت عموداً للدين ومعراجاً لروح المؤمن وشبيهة بالحوض الذي يكون في دار الإنسان ويغتسل به خمس مرات في اليوم فلا يبقى على بدنه شيء من الأدران المادية والأوساخ الجسمية كذلك إذا أدى الصلاة خمس مرات في اليوم فلا يبقى على روحه ونفسه شيء من أوساخ الذنوب والخطايا .
وتأتي فريضة الحج لتقوم بنفس الدور الذي تؤديه الصلاة رغم وجوبها مرة واحدة في العمر كما تؤدي دور الصيام بما اشتملت عليه من تروك الإحرام ـ ودور الفريضة المالية كالخمس والزكاة لما تقتضيه من صرف المال في سبيل تأديتها ـ أي تأدية فريضة الحج ـ .
وذلك لأن عامل الكيف
الذي تميزت به فريضة الحج عن غيرها من العبادات بسبب تعرض مؤديها للمشقة الشديدة الناشئة من طي المسافة