الإيجاز ، وتقوى الحاجة لذلك بقدر ما يكون الغموض شديداً والخفاء عميقاً كما هو الملحوظ بالنسبة إلى الكثير من شعائر الحج .
وسأحاول جاهداً كشف الحيرة وترسيخ الثقة بعدالة الله سبحانه وحكمته وبيان أن عدم وضوح الحكمة في بعض الموارد لا يقتضي التشكيك في واقعيتها وربما كانت هناك حكمة اقتضت إخفاء السر والحكمة الداعية للتشريع من أجل تقوية روح العبودية عند المكلف ليكون انطلاقه في طريق الامتثال والقيام بوظيفة العبودية لمجرد صدور التكليف الإلهي بذلك بقطع النظر عن حكمة هذا التشريع التي كانت السبب الداعي لصدوره من المولى الحكيم سبحانه وتعالى وخلاصة هذا البيان الذي قدمته تمهيداً للدخول في الحديث حول السر والحكمة التي انطلق التشريع منها .
هي أن المطلوب من المكلف الذي عزم على الانطلاق في طريق تأدية فريضة الحج المباركة ـ هو أن يكون مؤمناً عن وعي واقتناع بأصول الدين المعهودة وما يتفرع عنها ويلزمها من الصفات الكمالية والجلالية اللازمة لكماله المطلق .
ومن أبرزها علمه بحقيقة الإنسان من حيث الخلق والطبيعة لأنه خالقه ومبدعُه ولذلك يعلم ما ينفعه ويصلحه ويصلح له من النظام والشريعة وعلى هذا الأساس يكون كل تشريع يضعه الله للإنسان ـ منطلقاً من حكمة ترتبط به وتعود إليه بمقتضى كونه حكيماً لا يشرع بدون هدف وغاية حكيمة وحيث أنه غني بالغنى المطلق الذي يقتضي استغناءه عن كل شيء واحتياج كل شيء إليه ـ يتعين رجوع الحكمة المتمثلة بحصول المصلحة ودفع المفسدة إلى الإنسان الذي وضعت الشريعة من أجله .