( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١) .
وعلى العكس التام من ذلك المؤمنون الواعون الذين يدركون بوعي وعمق أن الله سبحانه هو مصدر الخير المطلق وعنوان الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء وعلى هذا يؤمنون بأن الخير إذا حصل لهم فهو بفضله وتوفيقه ويقابلون تفضله هذا بالشكر العملي وذلك بصرف نعمته في سبيل إطاعته الواجبة أو المستحبة وإذا ضموا إلى الشكر العملي الشكر القولي فهو نور إلى نور .
وإذا طرأت عليهم مصيبة بسبب مخالفتهم النظام التشريعي ـ عرفوا مصدرها وأنهم السبب في حصولها لهم ولذلك يندمون على ما فرطوا في جنب الله ويعودون إليه سبحانه من باب التوبة ويدركون بوعيهم الإيماني عدم صدورها لهم من قبله تعالى لا بالتشريع ولا بالتقدير والتخطيط الإلهي كما يفهم ذلك بوضوح من صريح قوله تعالى مخاطباً الأشخاص الذين انحرفوا عن منهج التقوى فأصيبوا نتيجة انحرافهم ببعض الابتلاءات :
( ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيد ) (٢) .
وإن كان حصول المصيبة لهم بقدر وقضاء من السماء ولم يكن حاصلاً من الأرض وأهلها ـ فسروا ذلك بأنه امتحان إلهي يريد الله به إظهار مقامهم وأنهم من المؤمنين الصابرين على البلاء والراضين بالقدر والقضاء ـ كما يريد به تعريضهم وإعدادهم لنيل الدرجات الرفيعة والمراتب العالية التي لا ينالها في دار الخلود والسعادة الأبدية إلا المؤمنون الصابرون .
__________________
(١) سورة الحج ، الآية : ١١ .
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٢ .