وإذا كان المؤمنون الممتحنون بالابتلاء غير معصومين وواقعين بسبب ذلك ببعض الأخطاء والانحراف عن منهج الاستقامة يكون ابتلاؤهم بالمصائب من أجل تمهيد السبيل أمامهم لنيل فائدة الصبر التي تتمثل بتكفير السيئات ومضاعفة الحسنات وعلى هذا الأساس لا يكون الابتلاء السماوي والامتحان الإلهي مصيبةً في نظر المؤمنين بعد ملاحظة النتائج الإيجابية التي يصلون إليها ويحصلون عليها ببركة رضاهم بالقضاء وصبرهم على البلاء .
وقد تحدث الله سبحانه عنهم وبين مصيرهم المشرق وعاقبتهم الحسنة التي توفقوا لها نتيجة صبرهم الجميل وذلك بقوله تعالى :
( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (١) .
والحاصل من مجموع ما تقدم أن المؤمن الواعي قوي الإيمان يبقى مع الله سبحانه باستقامته في خط عبادته والانقياد لإرادته والرضا بمشيئته في كل الظروف والأحوال .
فإذا كان في حالة نعمة عرف واعترف بأنها من الله تعالى وفضله وذلك لقوله تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) (٢) .
وأن الله تعالى إنما مَنَّ بها عليه ليستعين بها على عبادته وإطاعته كما أمره وذلك بإنفاقها وصرفها في سبيل الواجب أو المستحب وبذلك ينال
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٧ .
(٢) سورة النحل ، الآية : ٥٣ .