ولذلك فهو لا يسأل ولا يهتم إلا بإحراز أصل صدور التشريع من الله سبحانه ـ باجتهاده أو بتقليده ـ ليبادر إلى امتثاله وإن لم يعرف وجه الحكمة في تشريعه بعد اعتقاده بالأصل الموضوعي العام وهو أن الله سبحانه لا يشرع بلا حكمة كما لا يخلق بلا هدف وغاية .
وحيث أن النفس البشرية مطبوعة على حب الاطلاع ومعرفة أسرار الخلق والتشريع ولو إجمالاً وبحسب الظاهر . فقد أُلفت عدة كتب تناولت بيان السر والحكمة في خلق العديد من المخلوقات وتشريع الكثير من الأحكام والقوانين من قبل الله سبحانه الخالق المبدع والمنظم المشرع .
ويأتي كتاب توحيد ( المفضل الذي أملاه الإمام الصادق عليهالسلام على تلميذه المفضل بن عمر الجعفي ) ـ في الطليعة بين الكتب التي ألفت بقصد الإشارة إلى الحكمة والسر في اصل الخلق والإيجاد لهذا العالم مع بيان الحكمة في كيفية وخصوصية كل مخلوق من المخلوقات فيه ـ ليبرهن بذلك على وجود الخالق العظيم الحكيم لهذا الكون والمدبر المسير لنظامه التكويني ليسير دائماً وفق قانون تكويني يضبط تحركاته ويسيرها في طريق الهدف الذي أوجدها من أجله وهو خدمة الإنسان ومساعدته على تحقيق الغاية السامية التي أوجده الله من أجلها وهي عبادته وحده لا شريك له ) .
وكذلك كتاب علل
الشرائع للصدوق ( قده ) قد ألف للغاية المذكورة ويفترق عن الأول بكشفه عن الكثير من أسرار التشريع مع العديد من أسرار الخلق في الكثير من المخلوقات على اختلاف أنواعها مع بيان السر والحكمة في الكثير من الحوادث والقضايا المتنوعة بينما يقتصر كتاب التوحيد على بيان سر الخلق وحكمته في مجموع أنواع المخلوقات ابتداءً بخلق الإنسان ومروراً بالحيوان والنبات والجمادات السماوية والأرضية