وذلك لأن الله كريم يريد من عبده المؤمن أن يتخلق بأخلاقه بصورة عامة وصفة الكرم بصورة خاصة باعتبار أنها أرفع وأنفع صفة يتجمل بها الإنسان الرسالي المثالي في هذه الحياة نظراً لما يترتب عليها من الفوائد الهامة العامة للكريم الباذل ولسائر أفراد المجتمع .
وخصوصاً في الوقت الذي تشتد فيه الأزمة الاقتصادية وتشمل سلبياتها الكثيرين من المستضعفين كما في هذه الأيام .
وقد بينتُ تلك الفوائد المترتبة على دفع الزكاة ونحوها من أنواع البر والإحسان في الجزء الأول من وحي الإسلام ( تحت عنوان دور الزكاة والإحسان في سعادة الإنسان ) صفحة ٦٠ .
وذكرت فيه أن الفوائد الراجعة إلى الباذل المحسن أكثر من المنافع العائدة إلى الآخذ .
وعلى ضوء إدراك الحكمة من تشريع وجوب الزكاة والخمس ونحوهما من الفرائض المالية ـ وهي التجمل بصفة الكرم دائماً ببذل ما يتيسر وخصوصاً عندما يطلب السائل المحتاج ذلك ـ نعرف أن تأدية الفريضة المالية إذا تجردت عن صفة الكرم التي يتجاوز بها المؤمن الكريم البذل الواجب إلى المستحب ولو بالقليل الأفضل من الحرمان ـ تكون ناقصة بتراء ما دامت لم تؤثر أثرها المنشود ولم تحقق غايتها المقصودة فهي تكون كالصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر والصوم الذي لا يؤدي إلى صفة التقوى .
وهكذا الحج إذا تجرد عن هدفه الأصيل ولم يحقق صفة التقوى المقصودة منه كما يفهم من سياق بعض الآيات الواردة في مقام الحديث عن فريضة الحج مثل قوله تعالى :