( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) (١) .
ومثل هذه الآية آية أخرى واردة في مقام بيان الحكمة من تشريع وجوب الهدي على من كانت فريضته حج التمتع وهي قوله تعالى :
( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَآؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ) (٢) .
وخلاصة القول في المقام أن الله سبحانه لم يشرع العبادات الخاصة إلا من أجل أن تكون فروضاً تمرينية طُلبت من المكلف من أجل أن يتوصل بها إلى تقوية العقيدة والإيمان بالله سبحانه ليبقى على حالة خضوع دائم وعبادة مستمرة بفعل ما اُمر به وترك ما نُهي عنه وهذا ما يعبر عنه بالتقوى والعبادة بمعناها العام الشامل لكل تصرف اختياري يصدر من المكلف بإرادته واختياره وفق إرادة الله تعالى .
وعلى ضوء هذه الحقيقة الإيمانية ندرك أن الحج لم يشرع وجوبه بصفته الخاصة إلا من أجل التوصل به إلى الحج العام الذي يتمثل بالإحرام العام الذي يقتضي كل التروك الواجبة ولا ينحصر بتروك الإحرام الخاصة المعهودة .
كما يتمثل بالطواف العام والسعي الدائم والوقوف المستمر في عرفات التقوى ومشعر الاستقامة مع رمي كل الشياطين بكل الممارسات المستقيمة في خط الهدى والمنحرفة عن درب الهوى ـ ومع ذبح هوى النفس الأمارة بالسوء والمحرك لها في طريق المعصية ـ من شياطين الإنس والجن .
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٩٧ .
(٢) سورة الحج ، الآية : ٣٧ .