______________________________________________________
الأقاويل الفاسدة ، وهل البهتان والافتراء إلا دأب العاجزين ، ولو فرض أن بعضا من الجهلة المنتحلين للتشيع قال بذلك ، فالإمامية يتبرءون منه ومن قوله كما يتبرءون من هذا الناصبي وأمثاله وأقاويلهم الفاسدة.
فأما ما قيل في توجيه البداء فقال الصدوق (ره) في كتاب التوحيد : ليس البداء كما تقوله جهال الناس بأنه بداء ندامة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء ، معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ، ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ، أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه ، وذلك مثل نسخ الشرائع وتحويل القبلة وعدة المتوفى عنها زوجها ، ولا يأمر الله عباده بأمر في وقت ما إلا ويعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم أن في وقت آخر الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به ، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم ، فمن أقر لله عز وجل بأن له أن يفعل ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويخلق مكانه ما يشاء ، ويقدر ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويأمر بما يشاء كيف يشاء ، فقد أقر بالبداء ، وما عظم الله بشيء أفضل من الإقرار بأن له الخلق والأمر والتقديم والتأخير وإثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان ، والبداء هو رد على اليهود لأنهم قالوا إن الله قد فرغ من الأمر ، فقلنا إن الله كل يوم في شأن يحيى ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من ندامة ، وإنما هو ظهور أمر ، تقول العرب : بدا لي شخص في طريقي أي ظهر ، وقال الله عز وجل : « وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ » (١) أي ظهر لهم ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له قطيعة رحم نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له التعفف عن الزنا زاد في رزقه وعمره.
__________________
(١) سورة الزمر : ٤٧.