______________________________________________________
العلم بتصدقه الذي سيأتي به قبل ذلك الوقت ، لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ، ثم لما جاء أو أنه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول فيمحي عنها نقش الحكم السابق ، ويثبت الحكم الآخر ، مثلا لما حصل لها العلم بموت زيد بمرض كذا في ليلة كذا ، الأسباب تقتضي ذلك ولم يحصل لها العلم بتصدقه الذي سيأتي به قبل ذلك الوقت ، لعدم اطلاعها على أسباب التصدق بعد ، ثم علمت به وكان موته بتلك الأسباب مشروطا بأن لا يتصدق ، فتحكم أولا بالموت وثانيا بالبرء ، وإذا كانت الأسباب لوقوع أمر ولا وقوعه متكافئة ، ولم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد ، لعدم مجيء أوان سبب ذلك الرجحان بعد ، كان لها التردد في وقوع ذلك الأمر ولا وقوعه فينتقش فيها الوقوع تارة واللاوقوع أخرى ، فهذا هو السبب في البداء والمحو والإثبات والتردد وأمثال ذلك في أمور العالم ، فإذا اتصلت بتلك القوي نفس النبي أو الإمام عليهمالسلام وقرأ فيها بعض تلك الأمور فله أن يخبر بما رآه بعين قلبه ، أو شاهده بنور بصيرته ، أو سمع بإذن قلبه ، وأما نسبة ذلك كله إلى الله تعالى فلان كلما يجري في العالم الملكوتي إنما يجري بإرادة الله تعالى بل فعلهم بعينه فعل الله سبحانه ، حيث إنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، إذ لا داعي لهم على الفعل إلا إرادة الله جل وعز لاستهلاك إرادتهم في إرادته تعالى ، ومثلهم كمثل الحواس للإنسان ، كلما هم بأمر محسوس امتثلت الحواس لما هم به ، فكل كتابة تكون في هذه الألواح والصحف فهو أيضا مكتوب لله عز وجل بعد قضائه السابق المكتوب بقلمه الأول ، فيصح أن يوصف الله عز وجل نفسه بأمثال ذلك بهذا الاعتبار ، وإن كان مثل هذه الأمور يشعر بالتغير والنسوخ ، وهو سبحانه منزه عنه ، فإن كلما وجد أو سيوجد فهو غير خارج عن عالم ربوبيته.
الثالث : ما ذكره بعض المحققين حيث قال : تحقيق القول في البداء أن الأمور كلها عامها وخاصها ومطلقها ومقيدها ومنسوخها وناسخها ومفرداتها ومركباتها