______________________________________________________
وإخباراتها وإنشاءاتها ، بحيث لا يشذ عنها شيء منتقشة في اللوح ، والفائض منه على الملائكة والنفوس العلوية والنفوس السفلية قد يكون الأمر العام المطلق أو المنسوخ حسب ما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ، ويتأخر المبين إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه ، وهذه النفوس العلوية وما يشبهها يعبر عنها بكتاب المحو والإثبات ، والبداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب.
الرابع : ما ذكره السيد المرتضى رضياللهعنه في جواب مسائل أهل الري ، وهو أنه قال : المراد بالبداء النسخ ، وادعى أنه ليس بخارج عن معناه اللغوي.
أقول : هذا ما قيل في هذا الباب ، وقد قيل فيه وجوه أخر لا طائل في إيرادها والوجوه التي أوردناها بعضها بمعزل عن معنى البداء ، وبينهما كما بين الأرض والسماء وبعضها مبتنية على مقدمات لم تثبت في الدين ، بل ادعي على خلافها إجماع المسلمين وكلها يشتمل على تأويل نصوص كثيرة بلا ضرورة تدعو إليه ، وتفصيل القول في كل منها يفضي إلى الإطناب ، ولنذكر ما ظهر لنا من الآيات والأخبار بحيث تدل عليه النصوص الصريحة ، ولا تأبى عنه العقول الصحيحة.
فنقول وبالله التوفيق : إنهم عليهمالسلام إنما بالغوا في البداء ردا على اليهود الذين يقولون إن الله قد فرغ من الأمر ، وعلى النظام ، وبعض المعتزلة الذين يقولون إن الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن ، معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ، والتقدم إنما يقع في ظهورها لا في حدوثها ووجودها ، وإنما أخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة ، وعلى بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية ، وبأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة إلا في العقل الأول ، فهم يعزلونه تعالى عن ملكه ، وينسبون الحوادث إلى هؤلاء ، وعلى آخرين منهم قالوا : إن الله سبحانه أوجد جميع مخلوقاته دفعة واحدة دهرية لا ترتب فيها باعتبار الصدور ، بل إنما ترتبها في الزمان فقط ، كما أنه لا تترتب