والإرادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس.
فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله « يَفْعَلُ ما يَشاءُ » فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها و « ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ».
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : قبل تفصيلها وتوصيلها ، أي من لوح المحو والإثبات أو في الخارج.
قوله عليهالسلام : فإذا وقع العين المفهوم المدرك ، أي فصل وميز في اللوح أو أوجد في الخارج ، ولعل تلك الأمور عبارة عن اختلاف مراتب تقديرها في لوح المحو والإثبات ، وقد جعلها الله من أسباب وجود الشيء وشرائطه لمصالح ، كما قد مر بيانها ، فالمشية كتابة وجود زيد وبعض صفاته مثلا مجملا ، والإرادة كتابة العزم عليه بتة مع كتابة بعض صفاته أيضا ، والتقدير تفصيل بعض صفاته وأحواله ، لكن مع نوع من الإجمال أيضا ، والقضاء تفصيل جميع الأحوال وهو مقارن للإمضاء ، أي الفعل والإيجاد والعلم بجميع تلك الأمور أزلي قديم ، فقوله « بالمشية عرف » على صيغة التفعيل ، وشرح العلل كناية عن الإيجاد.
وقال بعض الأفاضل : الظاهر من السؤال أنه كيف علم الله ، أبعلم مستند إلى الحضور العيني والشهود في وقته لموجود عيني أو في موجود عيني كما في علومنا ، أو بعلم مستند إلى الذات ، سابق على خلق الأشياء ، فأجاب عليهالسلام بأن العلم سابق على وجود المخلوق بمراتب ، فقال : علم وشاء وأراد وقدر وقضاء ، وأمضى ، فالعلم ما به ينكشف الشيء والمشية ملاحظته بأحوال مرغوب فيها يوجب فينا ميلا دون المشية