______________________________________________________
التصريح فقال : والعلم متقدم المشية (١) أي عليها.
وقوله : والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، أراد به أن التقدير واقع على القضاء الجزئي بإمضائه وإيقاع مقتضاه في الخارج ، ثم بين عليهالسلام أن البداء لا يقع في العلم الأزلي ولا في المشية والإرادة الأزليتين ولا بعد تحقق الفعل بالإمضاء ، بل لله البداء في عالم التقدير الجزئي وفي لوح المحو والإثبات ، ثم أراد أن يبين أن لهذه الموجودات الواقعة في الأكوان المادية لها ضرب من الوجود والتحقق في عالم القضاء الإلهي قبل عالم التقدير التفصيلي ، فقال : فالعلم في المعلوم لأن العلم وهو صورة الشيء مجردة عن المادة ، نسبته إلى المعلوم به نسبة الوجود إلى المهية الموجودة فكل علم في معلومه بل العلم والمعلوم متحدان بالذات ، متغايران بالاعتبار ، وكذلك حكم قوله : والمشية في المشاء ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، أي قبل قيام المراد قياما خارجيا.
وقوله : والتقدير لهذه المعلومات ، يعني أن هذه الأنواع الطبيعية والطبائع الجسمانية التي بينا موجودة في علم الله الأزلي ، ومشيته وإرادته السابقتين على تقديرها وإثباتها في الألواح القدرية والكتب السماوية ، فإن وجودها القدري أيضا قبل وجودها الكوني. في موادها السفلية عند تمام استعداداتها وحصول شرائطها ومعداتها وإنما يمكن ذلك بتعاقب أفراد وتكثر أشخاص فيما لا يمكن استبقاؤه إلا بالنوع دون العدد ، ولا يتصور ذلك إلا فيما يقبل التفصيل والتركيب والتفريق والتمزيج فأشار بتفصيلها إلى كثرة أفرادها الشخصية وبتوصيلها إلى تركبها من العناصر المختلفة وأراد بقوله : عيانا ووقتا ، وجودها الخارجي الكوني الذي يدركه الحس الظاهري فيه عيانا.
وقوله : والقضاء بالإمضاء ، يعني أن الذي وقع فيه إيجاب ما سبق في عالم التقدير جزئيا أو في عالم العلم الأزلي كليا بإمضائه هو الشيء المبرم الشديد من جملة المفعولات
__________________
(١) كأنه سقط لفظة « على » من نسخة الشارح ففسره بما ذكر.