______________________________________________________
أن يعين مكانه الذي يبنى عليه ، وزمانه الذي يشرع فيه ، ومقداره الذي يكونه عليه من كبر أو صغر أو طول أو عرض ، وشكله ووضعه ولونه وغير ذلك من صفاته وأحواله وهذه كلها داخلة في التقدير.
وخامسها : القضاء والمراد منه هنا إيجاب الفعل واقتضاء الفعل من القوة الفاعلة المباشرة ، فإن الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وهذه القوة الموجبة لوقوع الفعل منا هي القوة التي تقوم في العضلة والعصب من العضو الذي توقع القوة الفاعلة فيها قبضا وتشنيجا ، أو بسطا وإرخاء أو لا ، فيتبعه حركة العضو فتتبعه صورة الفعل في الخارج من كتابة أو بناء أو غيرهما ، والفرق بين هذا الإيجاب وبين وجود الفعل في العين كالفرق بين الميل الذي في المتحرك وبين حركته ، وقد ينفك الميل عن الحركة كما تحس يدك من الحجر المسكن باليد في الهواء ، ومعنى هذا الإيجاب والميل من القوة المحركة أنه لو لا هناك اتفاق مانع أو دافع من خارج ، لوقعت الحركة ضرورة ، إذ لم يبق من جانب الفاعل شيء منتظر ، فقوله : وقضى ، إشارة إلى هذا الاقتضاء والإيجاب الذي ذكرنا أنه لا بد من تحققه قبل الفعل قبلية بالذات لا بالزمان ، إلا أن يدفعه دافع من خارج ، وليس المراد منه القضاء الأزلي لأنه نفس العلم ، ومرتبة العلم قبل المشية والإرادة والتقدير.
وسادسها : نفس الإيجاد وهو أيضا متقدم على وجود الشيء المقدر في الخارج ولهذا يعده أهل العلم والتحقيق من المراتب السابقة على وجود الممكن في الخارج فيقال : أوجب فوجب ، فأوجد فوجد ، ثم أراد عليهالسلام الإشارة إلى الترتيب الذاتي بين هذه الأمور ، لأن العطف بالواو سابقا لم يفد الترتيب فقال : فأمضى ما قضى ، ولما لم يكن أيضا صريحا في الترتيب صرح بإيراد باء السببية فقال : فبعلمه كانت المشية « إلخ » ثم لما كانت الباء أيضا محتملة للتلبس والمصاحبة وغيرهما ، زاد في