______________________________________________________
في الوجود العيني وبالإرادة وتحريك الأسباب نحو وجودها العيني ميز بعضها عن بعض بتخصيص تحريك الأسباب نحو وجود بعض دون بعض ، وبالتقدير قدرها وعين وحدد أقواتها وأوقاتها وآجالها ، وبالقضاء وإيجابها بموجباتها أظهر للناس أماكنها ودلهم عليها بدلائلها ، فاهتدوا إلى العلم بوجودها حسب ما يوجبه الموجب بعد العلم بالموجب ، وبالإمضاء والإيجاد أوضح تفصيل عللها وأبان أمرها بأعيانها ، وذلك تقدير العزيز العليم ، فبالعليم أشار إلى مرتبة أصل العلم ، وبالعزيز إلى مرتبة المشية والإرادة وبإضافة التقدير إلى العزيز العليم إلى تأخره عن العز بالمشية والإرادة اللتين يغلب بهما على جميع الأشياء ، ولا يغلبه فيهما أحد مما سواه وبتوسيط العزيز بين التقدير والعلم إلى تأخره عن مرتبة العلم ، وتقدم مرتبة العلم عليه ، كتقدمه على التقدير.
وقال بعضهم : أشار عليهالسلام بقوله إلى ستة مراتب بعضها مترتب على بعض :
أولها : العلم لأنه المبدأ الأول لجميع الأفعال الاختيارية ، فإن الفاعل المختار لا يصدر عنه فعل إلا بعد القصد والإرادة ، ولا يصدر عنه القصد والإرادة إلا بعد تصور ما يدعوه إلى ذلك الميل وتلك الإرادة والتصديق به تصديقا جازما أو ظنا راجحا ، فالعلم مبدء مبادئ الأفعال الاختيارية ، والمراد به هنا هو العلم الأزلي الذاتي الإلهي أو القضائي المحفوظ عن التغير فينبعث منه ما بعده ، وأشار إليه بقوله : علم ، أي دائما من غير تبدل.
وثانيها : المشية ، والمراد بها مطلق الإرادة ، سواء بلغت حد العزم والإجماع أم لا ، وقد تنفك المشية فينا عن الإرادة الحادثة.
وثالثها : الإرادة وهي العزم على الفعل أو الترك بعد تصوره وتصور الغاية المترتبة عليه من خير أو نفع أو لذة ، لكن الله بريء عن أن يفعل لأجل غرض يعود إلى ذاته.
ورابعها : التقدير فإن الفاعل لفعل جزئي من أفراد طبيعة واحدة مشتركة ، إذا عزم على تكوينه في الخارج كما إذا عزم الإنسان على بناء بيت ، فلا بد قبل الشروع