______________________________________________________
الثالث : أن يقال : المراد بمشية الطاعة هداياته وألطافه الخاصة التي ليست من ضروريات التكليف ، وبمشية المعصية خذلانه وعدم فعل تلك الألطاف بالنسبة إليه وشيء منهما لا يوجب جبره على الفعل والترك ، ولا ينافي استحقاق الثواب والعقاب.
الرابع : ما قيل : إن المراد تهيئة أسباب فعل العبد بعد إرادة العبد ذلك الفعل.
الخامس : أن يقال : لما اقتضت المصلحة تكليف من علم الله منه المعصية وكلفه مع علمه بذلك ووكله إلى اختياره ففعل تلك المعصية فكأنه شاء صدوره منه ، وكذا في الطاعة إذا علم عدم صدوره منه ، فسمي ذلك مشية مجازا ، وهذا مجاز شائع كما إذا أمر المولى عبده بأوامر وخيره في ذلك ومكنه على الفعل والترك مع علمه بأنه لا يأتي بها ، فيقال له : أنت فعلت ذلك إذ كنت تعلم أنه لا يفعل ومكنته ووكلته إلى نفسه.
السادس : أن يقال أن المراد بمشيته عدم جبره على فعل الطاعة أو ترك المعصية وبعبارة أخرى سمى عدم المشية مشية العدم كما سيأتي في كلام الصدوق (ره) وهذا قريب من الوجه السابق بل يرجع إليه.
السابع : أنه إسناد للفعل إلى العلة البعيدة ، فإن العبد وقدرته وأدواته لما كانت مخلوقة لله تعالى فهو جل وعلا علة بعيدة لجميع أفعاله.
الثامن : ما أومأنا إليه في الخبر السابق من المشية بالتبع ، وربما يحقق بوجه أوضح حيث حقق بعضهم الأمر بين الأمرين ، أن فعل العبد واقع بمجموع القدرتين ، قدرة الله وقدرة العبد ، والعبد لا يستقل في إيجاد فعله بحيث لا دخل لقدرة الله تعالى فيه ، بمعنى أنه أقدر العبد على فعله بحيث يخرج عن يده أزمة الفعل المقدور للعبد مطلقا ، كما ذهب إليه المفوضة أو لا تأثير لقدرته فيه ، وإن كان