يدي أبي عبد الله عليهالسلام جالسا وقد سأله سائل فقال جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم فقال أبو عبد الله عليهالسلام أيها السائل حكم الله عز وجل لا يقوم له أحد من خلقه
______________________________________________________
السند بعينه هكذا : عن أبي بصير قال : كنت بين يدي أبي عبد الله عليهالسلام جالسا وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك يا بن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أيها السائل علم الله عز وجل لا يقوم أحد من خلقه بحقه ، فلما علم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ، ولم يمنعهم أطاقه القبول منه ، لأن علمه أولى بحقيقة التصديق ، فوافقوا ما سبق لهم في علمه ، وإن قدروا أن يأتوا خلالا ينجيهم عن معصيته ، وهو معنى شاء ما شاء وهو سر ، ولا أدري أن نسخته كانت هكذا أو غيره ليوافق قواعد العدل ، ويشكل احتمال هذا الظن في مثله.
وبالجملة على ما في الكتاب لعل حمله على التقية أو تحريف الرواة أولى ولنتكلم على الخبر ظاهرا وتأويلا ، ثم نكل علمه إلى من صدر عنه ونسب إليه صلوات الله عليه.
فنقول : السؤال يحتمل وجوها :
« الأول » : أنه سئل عن سبب أصل السعادة والشقاوة وصيرورة بعض الخلق كفارا وبعضهم مؤمنين وفرقة فساقا وأخرى صالحين.
« الثاني » أن يكون الشبهة الواردة عليه من جهة أن العلم لما كان تابعا للمعلوم فتوهم أنه يجب تأخره عن المعلوم فكيف تقدم عليه.
« الثالث » : أن يكون الشبهة عليه من جهة أن العلم إما حصولي أو حضوري وحصول الصورة لا يتصور في حقه تعالى ، والحضور إنما يكون بعد وجود المعلوم.
وحاصل الجواب على الأول أن حكم الله بالسعادة والشقاوة وأسبابهما من غوامض مسائل القضاء والقدر ، وعقول أكثر الخلق عاجزة عن الإحاطة بها ، فلا يجوز