بحقه فلما حكم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته ووضع عنهم ثقل
______________________________________________________
الخوض فيها كما قال الصدوق (ره) في رسالة العقائد : الكلام في القدر منهي عنه كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام لرجل قد سأله عن القدر؟ فقال : بحر عميق فلا تلجه ، ثم سأله ثانية فقال : طريق مظلم فلا تسلكه ، ثم سأله ثالثة فقال : سر الله فلا تتكلفه وقال عليهالسلام في القدر : ألا إن القدر سر من سر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطوي عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله عن العباد علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ، لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ، ولا بقدرة الصمدانية ، ولا بعظمة النورانية ، ولا بعزة الوحدانية ، لأنه بحر زاخر مواج خالص لله عز وجل ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات والحيتان ، يعلو مرة ويسفل أخرى ، في قعره شمس تضيء لا ينبغي أن يطلع عليها إلا الواحد الفرد ، فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في حكمه ونازعه في سلطانه وكشف عن سره وستره ، وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
وأما على الثاني فالجواب عنه وإن كان ظاهرا إذ تابعية العلم لا تستدعي تأخره عن المعلوم زمانا ، فلعله لم يجب عنه لقصور فهم السائل.
وأما الثالث فغموض المسألة وعجز أكثر الخلق عن الوصول إلى كنه علمه سبحانه ظاهر ، وقد تحير فيه الحكماء والمتكلمون ، ولم يأتوا فيه بشيء يسمن ويغني من جوع ، وسبيل أهل الديانة فيه وفي أمثاله الإقرار به جملة ، وعدم الخوض في كيفيته وترك التفكر في حقيقته فإنه كما لا يمكن إدراك حقيقة ذاته تعالى ، فكذا لا تصل عقول الخلق إلى كنه صفاته التي هي عين ذاته سبحانه.
ويحتمل أن يكون المراد أن تكاليفه تعالى شاقة لا يتيسر إلا بهدايته وتوفيقه سبحانه « وهب لأهل محبته » الإضافة إلى الضمير إضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول ، أي الذين أحبهم لعلمه بأنهم يطيعونه ، أو الذين يحبونه ووضع عنهم ثقل العمل