الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب
______________________________________________________
فيه ، وهنا ليس كذلك ، ثم أبطل مذهب الجبرية والأشاعرة بقوله : إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، لأن الثواب نفع مقارن للتعظيم والمحمدة ، والعقاب ضرر مقارن للإهانة واللوم ، ولا يتصوران مع الجبر بمعنييه ، وإلا كان سفها ، ثم بقوله : والأمر والنهي ، لأنهما عبارتان عن إعلام الناس بمصالح بعض الأعمال ومنافعها وبمفاسد بعضها ومضارها ، ليختار العبد ما فيه المصلحة والمنفعة ، ويترك ما فيه المفسدة والمضرة ، وظاهر أن ذلك الإعلام في صورة الجبر وعدم تأثير الاختيار والإرادة سفه وعبث ، تعالى عن ذلك.
ثم بقوله : والزجر من الله ، وزواجر الله : بلاياه النازلة على العصاة بإزاء عصيانهم ، وأحكامه في القصاص والحدود ونحو ذلك والتقريب ظاهر مما مر.
ثم بقوله : وسقط الوعد والوعيد ، أي المقصود منهما من إتيان الحسنات وترك السيئات ، لأن ذلك لا يعقل من المجبور في أفعاله ، فالوعد والوعيد سفه وعبث ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ثم بقوله عليهالسلام : فلم تكن لأئمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ، لأن المحمدة هو الثناء على الجميل الاختياري ، واللائمة ما يقابله من الذم على القبيح الاختياري ومعلوم بديهة أنه لا يستحقهما المجبور.
وأما قوله عليهالسلام : ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، فيحتمل وجوها : « الأول » أن يكون هذا متفرعا على الوجوه السابقة ، أي إذا بطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر والوعد والوعيد لكان المحسن أولى « إلخ » ووجه الأولوية أنه لم يبق حينئذ إلا الإحسان والعقوبة الدنيوية ، والمذنب كالسلطان القاهر الصحيح الذي يكون في غاية التنعم يأتي