______________________________________________________
بكل ما يشتهيه من الشرب والزنا والقتل والقذف وأخذ أموال الناس وغير ذلك وليس له مشقة التكاليف الشرعية والمحسن كالفقير المريض الذي يكون دائما في التعب والنصب ، من التكاليف الشرعية من الإتيان بالمأمورات والانتهاء عن المنهيات ومن قلة المؤنة وتحصيل المعيشة من الحلال في غاية المشقة فحينئذ الإحسان الواقع للمذنب أكثر مما وقع للمحسن ، فهو أولى بالإحسان من المحسن ، والعقوبة الواقعة على المحسن أكثر مما وقع على المذنب فهو أولى بالعقوبة من المذنب.
الثاني : أن يكون المعنى أنه لو فرض جريان المدح والذم واستحقاقهما واستحقاق الإحسان والإثابة والعقوبة وترتبها على الأفعال الاضطرارية الخارجة عن القدرة والاختيار ، لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن وبالعكس ، لأن في عقوبة المسيء على ذلك التقدير جمع بين إلزامه بالسيئة القبيحة عقلا ، وجعله موردا لملامة العقلاء وعقوبة عليها وكل منهما إضرار وإزراء به وفي أثابه المحسن جمع بين إلزامه بالحسنة الممدوحة عقلا ويصير بذلك ممدوحا عند العقلاء ، وإثابته عليها وكل منهما نفع وإحسان إليه ، وفي خلاف ذلك يكون لكل منهما نفع وضرر ، وهذا بالعدل أقرب وذاك بخلافه أشبه.
الثالث : ما قيل إنه إنما كان المذنب أولى بالإحسان لأنه لا يرضى بالذنب كما يدل عليه جبره عليه ، والمحسن أولى بالعقوبة لأنه لا يرضى بالإحسان لدلالة الجبر عليه ، ومن لا يرضى بالإحسان أولى بالعقوبة من الذي يرضى به ولا يخفى ما فيه.
الرابع : أنه لما اقتضى ذات المذنب أن يحسن إليه في الدنيا بإحداث اللذات فيه ، فينبغي أن يكون في الآخرة أيضا كذلك لعدم تغير الذوات في النشأتين ، وإذا اقتضى ذات المحسن المشقة في الدنيا وإيلامه بالتكاليف الشاقة ففي الآخرة أيضا